تبدأ بعثة من صندوق النقد الدولي زيارة إلى تونس غدا الأربعاء 27 مارس لتتواصل عدة أيام وسط تساؤلات حول ما سيقرره الصندوق بشأن تونس في ظل وضع متقلب اقتصاديا واجتماعيا. تونس – الشروق: تؤدي بعثة صندوق النقد الدولي زيارة إلى تونس على مدى أسبوعين وصفها المراقبون بالهامة خصوصا أنها تأتي في ظل تقلبات اجتماعية واقتصادية تعيشها البلاد بالتزامن مع مواصلة تونس تنفيذ جملة من التوصيات التي أقرها الصندوق منذ أكثر من عامين ومع تواصل صرف أقساط القرض الذي منحه لتونس.. ومن المنتظر أن يتضمن برنامج الزيارة المراجعة الخامسة للقرض الذي أسنده الصندوق الى تونس لاستكمال صرف قسط بقيمة 255 مليون دولار من جملة قرض أسنده الى تونس في 2016 بقيمة 2.8 مليار دولار. وكان الناطق باسم الصندوق «جيري رايس» قد ذكر مؤخرا في تصريح صحفي أن الاقتصاد التونسي رغم تعافيه المتواضع مازال هشا وأن الصندوق يدعم سياسة الحكومة التونسية لخلق مواطن شغل ولدعم التنمية حتى يكون لذلك انعكاسات إيجابية على التونسيين داعيا إلى ضرورة توفير الإحاطة الاجتماعية للفئات الهشة. حالة تونسية كشفت تطورات الأشهر الأخيرة أن حقيقة الوضع في تونس لا يمكن أن تتماشى مع بعض توصيات الصندوق أبرزها إيقاف الانتدابات وتجميد الأجور والمس من الخدمات الاجتماعية التي تقدمها الدولة ومن سياسة الدعم، وذلك بعد أن بلغ الاحتقان الاجتماعي ذروته في ظل تواصل التهاب الأسعار وتردي المقدرة الشرائية للمواطن وضعف مواطن الشغل وتواصل معاناة الفئات الفقيرة. كما تأتي الزيارة بعد أسابيع من قرار الحكومة التونسية زيادات في أجور الوظيفة العمومية بعد مفاوضات مع الاتحاد العام التونسي للشغل، رغم دعوة صندوق النقد إلى الضغط على كتلة الأجور من أجل خفض عجز الميزانية. فكتلة الأجور مازالت تمثل في تونس 15 بالمائة من الناتج الإجمالي المحلي في حين يطالب صندوق النقد بالنزول بها إلى حدود 12 بالمائة في غضون سنة 2020. وتحوم تساؤلات عديدة حول الموقف الذي سيتخذه الصندوق بعد قرار الحكومة الزيادة في الأجور وسط تردد أخبار عن خشية الحكومة من ردة فعل الصندوق تجاه تعطل تنفيذ بعض الإصلاحات الاقتصادية والمالية المطلوبة. الاتحاد على الخط عبر الاتحاد العام التونسي للشغل طيلة الأشهر الماضية عن تمسكه بمطلب الزيادة في الأجور. وهو ما وافقت عليه الحكومة. وذكر أمينه العام نور الدين الطبوبي في لقاء الأسبوع الماضي بواشنطن بين ممثلي النقابات الدولية حول سياسات صندوق النقد الدولي وتأثيراتها على الشعوب وعلى النقابات أن خضوع تونس لارتهانات الصندوق جعلها تعيش تحت ضغط تجميد الانتدابات في قطاعات أساسية كالتربية والصحة رغم الحاجة الى تشغيل آلاف الأساتذة والمعلمين والأعوان والإطارات في هذين القطاعين. كما شدد الطبوبي على رفض الاملاءات الخارجية الداعية إلى التقليص من المصاريف الاجتماعية ومن خدمات الدعم الغذائي والطاقي والى المس من منظومة الحيطة الاجتماعية. وذكر الطبوبي أمس أن الاتحاد تمكن من تذليل كل الصعوبات الحاصلة بين الحكومة والصندوق منتقدا بالمناسبة مواقف الحكومة في مفاوضاتها مع صندوق النقد الدولي. قبول.. لكن يتوقع خبراء أن تقبل بعثة الصندوق بقرار الحكومة الزيادة في الأجور بالنظر الى حالة الاحتقان الشعبي والتململ الاجتماعي الذي أصبح يسود البلاد. لكن في المقابل من المنتظر أن تواصل البعثة التمسك بإجراءات أخرى للحد من تداعيات هذا القرار على البرنامج الذي سبق أن حدده الصندوق لتونس، أبرزها التشديد على مواصلة إيقاف الانتدابات بالوظيفة وعلى التقليص من سياسة الدعم ومن بعض الخدمات الاجتماعية التي تقدمها الدولة. لكن من جهة أخرى من المنتظر أن يواصل الاتحاد العام تمسكه هو الآخر بضرورة تخلي الصندوق عن أغلب هذه الاملاءات وفق ما يُستشفّ من كلام الأمين العام نور الدين الطبوبي وذلك بالنظر الى الوضع الصعب الذي أصبحت تمر به البلاد على مختلف الأصعدة. وهو ما يؤكد أن الزيارة المنتظرة لوفد الصندوق ستكون «ساخنة» في انتظار ما سيترتب عنها من مخرجات.