استبق رئيس الهيئة السياسية في حزب النداء حافظ قايد السبسي عقد المؤتمر الانتخابي بتوجيه ثلاث رسائل مهمة فما هي فحواها ومن المعنيون بها وما مدى قدرته على إقناعهم بها؟. تونس الشروق: ليس لحافظ طموح سياسي في الترشح إلى أي انتخابات، وليس له أي طموح شخصي من خلال ممارسة حقه السياسي، ولن يكون له أو لغيره أي تأثير في انتخاب قيادة النداء القادمة. هي رسائل ثلاث سعى رئيس الهيئة السياسية في حزب نداء تونس حافظ قايد السبسي إلى تمريرها قبل المؤتمر الحزبي الانتخابي الذي ينعقد بعد غد. أما نفي الطموح السياسي فيتضح من خلال قوله في حديث ل«قدس برس» السبت الماضي: «لن أترشح إلى أي انتخابات وسأبقى دائما على ذمة الندائيين». وأما إنكار الطموح الشخصي فيدل عليه قوله في الحديث الصحفي ذاته إن «من بين أهداف تواجده الآن في صلب النداء (...) الحفاظ على الاعتراف الأخلاقي لهذا الرجل (يقصد الباجي قايد السبسي) الذي قدم تضحيات كبيرة للشعب وخدمات كبيرة لتونس». وأما عدم التأثير في انتخابات الحزب فيشير إليه المنشور الانتخابي الذي يضبط (مبدئيا) ضمانات نزاهة الانتخابات وشفافيتها. ليطمئن الجميع لم يضع حافظ حدا ولا حاجزا لرسائله فالجميع معنيون بها لاسيما معارضوه والغاضبون منه، إذ ليس هناك أفضل من أن يصرح لهم بأنه يتشبث بالنداء بحثا عن المصلحة الحزبية العامة واعترافا بالجميل للرئيس المؤسس. يحاول حافظ اثبات هذا الادعاء بالقول إنه لن يترشح لأي انتخابات، وهذا يحتاج إلى بعض التفصيل، فإن كان يقصد الاستحقاق الرئاسي فهذا طبيعي بما أن الأولوية في الترشح داخل الحزب ستكون لمؤسسه الباجي وإن امتنع فسيبحث عن شخصية تستهوي الناخبين أكثر من حافظ. وإن كان يقصد الانتخابات التشريعية فالمعلوم أن عدم خوضها لن يمنع حافظ من ترؤس الحكومة لو فاز حزبه. أما إن كان يقصد الانتخابات الداخلية التي تدور بعد غد فهذا مؤشر جيد جدا من حيث المبدأ لأنه سيسمح لخصوم حافظ بالحضور والمشاركة بالترشح أو التصويت لكن يكفي أن نطلع على شروط الترشح للهياكل المركزية صلب حركة نداء تونس حتى نكتشف العكس فتضيق دائرة المعنيين برسائل الطمأنة: إقصاء للخصوم أشارنا سابقا إلى أن هناك نية ظاهرة لضمان شفافية الانتخابات الداخلية ونزاهتها لكن يكفي أن نتمعن في المنشور الانتخابي حتى نكتشف أن من شروط الترشح لعضوية اللجنة المركزية أن يكون المترشح منخرطا بالحركة لمدّة أربع سنوات متتالية مع تحمّل مسؤولية محلية أو جهوية أو وطنية صلب الحركة لمدّة ثلاث سنوات على الأقل. ومن شروط عضوية المكتب السياسي أن يقع انتخاب الأعضاء مباشرة من أعضاء اللجنة المركزية، وأن يكون هؤلاء الأعضاء منخرطين لمدّة 6 سنوات متتالية بالحركة مع تحمّل مسؤولية جهوية أو وطنية صلب هياكل الحركة لمدّة 4 سنوات على الأقل، وأن يكونوا أيضا من أعضاء اللجنة المركزية المنتخبة مباشرة من المؤتمر. هذا يعني أن الندائيين المغادرين والمستقلين والغاضبين وكل من يخاصم حافظ قايد السبسي وأتباعه لن يجد له مكانا في المؤتمر الانتخابي ولا في عضوية النداء القادمة ما يضيق دائرة المعنيين ليبقي فيها الندائيون الذين يحافظون منذ سنين على عضويتهم وولائهم لحافظ. استثناء يوسف يمكن تقسيم الندائيين المعنيين إلى قسمين أولهما القيادة العليا والوسطى التي تحافظ على ولائها للحزب دون أن تبدي غضبها من حافظ، وثانيهما القاعدة الانتخابية التي صوتت للنداء سنة 2014، ذلك أن حافظ يحاول تصوير نفسه في صورة القائد الذي يحافظ على حزبهم ويحفظ جانبه الأخلاقي عبر الاعتراف بالجميل للمؤسس. ومع هذا فحافظ لم يغلق باب التعامل مع الندائيين الذين أسسوا أحزابا جديدة من رحم النداء بل إنه يقبل التحالف معهم بشرط أن يكون «التحالف صلب النداء باعتباره الحزب الأكبر»، أو في إطار جبهات انتخابية، ما يعني أنه من المستحيل أن يتحالف معهم وفق شرطه التعجيزي لأن من يقبل بالتحالف صلب النداء لا يفكر أصلا في مغادرته. على أن حافظ استثنى الشاهد نسبيا من شروطه ففي حديثه الصحفي سابق الذكر إشار إلى أن «الاعتقاد السائد بأن تشكيل حزب «تحيا تونس» كان بمبادرة من يوسف الشاهد ولكن المعطيات التي لدينا وحسب ما يقول إنه ليس له علاقة بحزب «تحيا تونس». فحافظ لم يدع يوسف للعودة صراحة ولكنه لم يغلق أمامه الباب الذي سعى أبوه الباجي إلى فتحه، فهل يستجيب الشاهد؟ وهل يترك حركة «تحيا تونس» ويعود إلى «نداء تونس» دون أدنى ضمانات؟. رسائل إلى الأحزاب وضع حافظ قايد السبسي شرطا تعجيزيا أمام الأحزاب الندائية الراغبة في التحالف مع حزبه نداء تونس وهو أن تقبل «تحيا تونس» و«بني وطني» و«المستقبل» و«حركة المشروع»... بالتحالف صلب النداء بما يشبه الانصهار داخله. وفي المقابل لم يسد الطريق أمام بعض الأحزاب المقربة من النداء، ورغم أنه اكتفى بذكر حزب البديل عبر القول إنه جلس مع مؤسسه مهدي جمعة وقدم له اقتراحا بالالتحاق وأنه ينتظر الرد النهائي فإن قائمة الاتصالات والعروض قد تطال أحزابا أخرى مثل آفاق تونس. أما الحديث عن تقارب مع حركة النهضة خصوصا بعد أن اجتمع رئيسها راشد الغنوشي بالمسؤول الأول في النداء فقد وضحه الجانبان بتأكيد رفضهما أي تحالف انتخابي قبل أن يتكفل القيادي الندائي منجي الحرباوي بالقول مؤخرا في تصريح إعلامي إن التوافق مع النهضة انتهى منذ الانتخابات البلدية الماضية ولن يكون هناك أي توافق مستقبلي بين الطرفين.