اعاد طرح حزب التحرير في الايام الاخيرة مسألة اقامة دولة الخلافة في ظل وجود الدولة المدنية والمنظومة الديمقراطية جدلا واسعا من الناحيتين القانونية والسياسية بشأن تعاطي أجهزة الدولة مع الحزب. تونس- الشروق- وصرّح يوم السبت الماضي رئيس المكتب الإعلامي لحزب التحرير محمد الناصر شويخة بأن هدف حزبه إرساء دولة الخلافة مجددا بذلك الجدل حول مدى تمادي الحزب في مخالفة أحكام الدستور ومدى عجز الدولة في التعاطي مع ملفه. هكذا يريد التحرير اقامة الخلافة ومن جانبه أوضح محمد الناصر شويخة في تصريحه «للشروق» أن مناداة حزبه بإقامة دولة الخلافة تندرج في سياق المطالبات بتغيير النظام السياسي معتبرا أن الخلافة حكم شرعي يجمع عليه علماء المسلمين وفق قوله. وفي سؤال حول طريقة الحزب في تنفيذ مشروعه الذي يدعو اليه في اطار دولة مدنية وديمقراطية، اعتبر محمد الناصر شويخة أن النظام الديمقراطي ليس مقدسا وليس من حق أي كان يفرض على الحزب الذوبان فيه في الوقت الذي يتطلع فيه الحزب الى التغيير من خارج النظام عبر ما أسماه بأهل القوة من قادة جيش ورجال أعمال وعلماء دون اللجوء الى القوة على حد قوله. وخلص المتحدث بأن الانتخابات القادمة مسرحية معادة ومتكررة تفرز نسخ مشوهة من مؤسسات الحكم وأن حزبه يتطلع الى تغيير النظام وليس الى المشاركة فيه وضمان استمراره. وتعتبر العديد من منظمات المجتمع المدني أن ادبيات الحزب لا تتماشى مع طبيعة البلاد والدستور الذي يؤكد مدنية الدولة، وأدبيات هذا الحزب الذي تمتد فروعه الى العديد من الدول في العالم كما نظّر لها مؤسسه تقي الدين النبهاني تنطلق من مرحلة التثقيف لإيجاد اشخاص مؤمنين بأفكار الحزب ثم مرحلة التفاعل مع «الامة» لتحميل الاسلام واقعا حياتيا وصولا الى مرحلة استلام الحكم واقامة الخلافة. غموض وبعد حصول الحزب على تأشيرة مزاولة عمله السياسي في تونس في جويلية 2012 وتصريحاته المتكررة لإقامة دولة الخلافة باتت مسألة تعاطي أجهزة الدولة معه تطرح الكثير من الغموض. وفي هذا السياق يرى الاكاديمي والحقوقي عبد اللطيف الحناشي في مجمل تصريحه «للشروق» أن التجاوزات العديدة من قبل الحزب للدستور وطبيعة الدولة المدنية تثير التساؤل حول أسباب عجز الدولة في التعاطي مع ملفه. واوضح الحناشي أن هذا الغموض يحيل على عدة افتراضات منها انعكاس مناخ الحرية العام لفترة ما بعد الثورة وسقفها الواسع في ترك مساحة التعبير لكل التمثيلات السياسية والمجتمعية، ومنها امكانية خشية الدولة من ردود الفعل الخارجية والداخلية بخصوص اتهامات محتملة بالمس من المناخ التعددي والحقوقي اذا ماوقع المضي في حلّ الحزب ،علاوة على امكانية ان يكون تعامل الدولة الحذر مع حزب التحرير مرده الخوف من تحول نشاطه الى السرية وما يطرح ذلك من مشاكل وخيمة العواقب. تردد يكشف تورّط في المقابل لا يتفق المحلل السياسي فريد العليبي من أن الدولة عاجزة عن التعاطي الجدي مع ملف حزب التحرير موضحا في تصريحه ‹›للشروق›› أن أجهزة الدولة في وضعية تردد ،خاصة وأن مكونا اساسيا من مكونات السلطة السياسية ينتمى الى الاسلام السياسي ويشترك مع حزب التحرير في المرجعية الأساسية المتمثلة في الاسلام السني المحافظ الحالم بإعادة الخلافة الإسلامية الى الوجود. ومن هذا المنطلق يضيف فريد العليبي قائلا:» فلا شك ان حركة النهضة قد اعترضت على حل هذا الحزب، وسايرها في ذلك حليفها في السلطة نداء تونس حماية لمنظومة التوافق›› وبالتالي فإن حسابات التوازن السياسي هي الدافع الرئيسي وراء التردد في التعاطي الجدي مع ما يدعو اليه الحزب. ضرورة الحزم ولئن يرى استاذ القانون الدولي عبد المجيد العبدلي عدم وجود مبررات قانونية تدفع الى ضرورة حل الحزب وفق المرسوم الحالي المنظم للاحزاب، فإن استاذ القانون رابح الخرايفي يرى عكس ذلك داعيا الدولة الى مجابهة حزب التحرير بحزم قبل فوات الاوان. واعتبر الخرايفي في تصريحه ل››الشروق» أن ممارسات وتصريحات حزب التحرير مخالفة للأحكام الدستورية ،ومخالفة لمرسوم تنظيم الاحزاب في تونس، وان بعضها يعد افعالا اجرامية تدخل تحت طائلة القانون الجزائي، مضيفا بأن الحزب متماد في ذلك امام صمت الكتابة العامة للحكومة والنيابة العمومية والضابطة العدلية التي تشاهد وتعاين الافعال الاجرامية من دون أن تتحرك وفق الصلاحيات القانونية المخولة لها. ويرى المتحدث ان التعامل القانوني والامني مع الحزب من الواجب أن يكون جزءا من خطة شاملة تنطلق من البحث الامني المعمق مرورا بالبحث السوسيولجي لبيان اسباب استمراره واستقطابه للناس، وايضا لبيان تمويله وعلاقاته الخارجية قبل الشروع في إعداد خطة اعلامية محكمة تصل الى جميع الناس يتم الكشف فيها على ارتباطه الخارجي وابراز عدم وطينته بما يساهم في خلق رأي عام يرفض هذا الحزب ويشرع بذلك تطبيق الخطة الامنية. وخلص محدثنا قائلا:» لا ينبغي ان تخاف الدولة من عودة حزب التحرير الى السرية باعتبار ان المناخ الديمقراطي لا يخول مثل هذه الممارسات الا اذا كان هدفها تدمير اركان الدولة وهنا يمكن تطبيق أحكام المجلة الجزائية ومعاقبة كل من يتآمر على الدولة». تواريخ واحداث 1953: الفقية تقي الدين النبهاني يؤسس حزب التحرير بالقدس. جانفي 1983 تأسيس الفرع التونسي لحزب التحرير في تونس وبداية النشاط في السرية. صيف 1983: اعتقال عدد من المنتمين الى التنظيم من العسكريين ومحاكمتهم. من 1990 الى 1996 : تواصل محاكمات الناشطين في التنظيم المحظور. سبتمبر 2006: ادانة العشرات من المنتمين الى تنظيم حزب التحرير. 17 جويلية 2012: حصول حزب التحرير في تونس على الترخيص القانوني للعمل السياسي. بداية من 2012: ينظم الحزب مؤتمراته السنوية. 15 اوت 2016: صدور قرار قضائي بتجميد أنشطة الحزب مؤقتا بسبب مخالفة مرسوم الاحزاب ومبادئ الجمهورية ابطلته المحكمة الادارية فيما بعد. 20 أوت 2016: حزب التحرير يصدر بيانا تضمن عبارة «دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة التي لاحت بشائرها قد يكون لها طلقاء كطلقاء مكة، ولكن هناك رؤوسًا وأياديَ ستقطع ولو تعلقت بأستار الكعبة». 01 سبتمبر 2016: الباجي قايد السبسي يشرف على اجتماع مجلس الأمن القومي الذي تداول في سبل حل حزب التحرير .