اجتهدت جامعة الكرة قَدر المُستطاع لإقامة «السُوبر» التونسي على «الطّريقة الأوروبية» من حيث التَنظيم والتَحكيم والدعاية الإعلامية لكن هذه الصّورة الجميلة التي وصلتنا من قطر لم تُخف في الحقيقة النِقاط السلبية التي رافقت رحلة الخَليج. وقد نَختزل هذه البِقاع الداكنة في فَضيحة الاستغناء عن «تقنية الفِيديو» ليلة اللّقاء هذا فضلا عن نَقل الصّراعات التي تعيشها صَافرتنا من تونس إلى «الدّوحة» وهو ما برز للعِيان من خلال غياب التَواصل بين جامعتنا ورئيس لجنة التحكيم القطرية وهو حكمنا الدولي السّابق ناجي الجويني الذي استفسرته «الشُروق» عن جُملة المسائل الخِلافية والجَوانب التحكيمية التي شهدتها هذه الكأس العائدة للحياة بعد 18 عاما من «النِسيان». هَفوة تنظيمية أثار «تَغييب» «الفَار» في لقاء الترجي وبنزرت في نطاق «السُوبر» التونسي جَدلا واسعا خاصّة أن الجامعة جَهّزت نفسها وحَشدت «جَيشا» من حُكّامها لإدارة هذا العُرس الكروي «المُهاجر» «بتقنية الفيديو» حِفاظا على حقوق الطّرفين وفي إطار مُسايرة التطوّرات الحَاصلة في اللّعبة. وفي تعليقه على هذه الثّغرة التنظيمية يؤكد ناجي الجويني أن القرار كان صَادما للكثيرين لأن الجامعة التونسية لكرة القدم تحدّثت بلغة الواثق وجعلت كلّ المُتابعين على اقتناع تام بأن «الفَار» من تحصيل الحَاصل. ويضيف الجويني بأن الجامعة ارتكبت هَفوتين: الأولى اتّصالية والثانية إجرائية بما أنها أعلنت عن استخدام «تَقنية الفِيديو» في كأس «السُوبر» قبل أن تَضمن مُوافقة الهياكل الدولية. ومن المعلوم أن «الفِيفا» لا تُصادق على الإستفادة بمثل هذه التقنيات إلا بعد الإستجابة لجملة من الشروط على رأسها مُشاركة الطّاقم التحكيمي في التربّصات التكوينية والمُباريات التي يقع فيها استخدام «الفَار». وبما أن الطاقم الذي عيّنته الجامعة لقيادة اللقاء لم يتوفّر فيه هذا الشرط فقد كان لِزاما التخلي عن تقنية «الفَار» في «السُوبر». احتمال بَعيد من المعلوم أن بعض الجهات استغلت حَجب «الفَار» في لقاء «السُوبر» لتفتح باب التأويلات وتُوجّه الإتّهامات للجامعة بحجّة أنها تَعمّدت إلغاء العمل ب»تنقية الفيديو» لغَاية في نفس الجريء. وفي هذا السياق يَنفي الجويني هذه الإتّهامات ويَعتبر أن مكتب الجريء كان حريصا على إنجاح اللقاء على كلّ المُستويات وليس من مصلحته الوقوع في مِثل هذه «الزلاّت» التي يَتساءل محدثنا إن كانت ناجمة عن سوء التنظيم أم بفعل عدم معرفة الإجراءات المُنظّمة لهذه التَقنيات؟ غياب التَنسيق في سُؤال عن «العَملية التَنسيقية» بين جامعتنا ولجنة التحكيم القطرية خاصّة على المُستوى التحكيمي قال الجويني إن مكتب وديع الجريء ربط قنوات الإتّصال مع الإتحاد القطري للسّهر على كلّ التَرتيبات والإجراءات المُتعلّقة بتنظيم «السُوبر». ويعترف الجويني بأن جامعتنا لم تَتّصل به لأسباب مجهولة ويضيف محدّثنا أنه يضع اختلافاته مع الجريء في كفّة وخِدمة الكرة التونسية في الكفّة الأخرى مُعتبرا أنه جاهز على الدّوام لتقديم التَسهيلات والإستشارات لجميع أبناء البلد آخرهم حكمنا الدولي اللاّمع سليم الجديدي الذي وقع إلحاقه بلجنة التحكيم القطرية بعد أن تعرّض إلى التَهميش والإقصاء في الساحة التونسية. الإصلاح أوّلا وال«فَار» ثانيا يَعود الجويني إلى ملف «الفَار» ليؤكد أن المسألة ليست مجرّد «استعراض» للعَضلات وإنّما تحتاج هذه التَقنية إلى امكانات كَبيرة. ذلك أن الجِهات المُشرفة على اللّعبة في حاجة إلى توفير 8 كاميراوات على الأقل لتأمين المُباراة ب»الفَار» وينبغي أن يشمل هذا الإجراء كلّ المُواجهات تَحقيقا للمُساواة. وبالإضافة إلى المُعدّات التَقنية لابدّ من وجود رغبة حقيقية وصَادقة في النهوض بالصّافرة التونسية. ويُضيف الجويني أنه لا قِيمة ل «الفَار» في البطولة التونسية طالما أن المُشرفين على القطاع لا يَملكون إرادة قويّة لتغيير الأوضاع و»تَنظيف» السّاحة من كلّ الأطراف التي أفسدت التحكيم التونسي. المُضحكات المُبكيات على هَامش الرحلة القطرية أمضت الجامعة التونسية لكرة القدم اتفاقية تعاون مع نظيرتها القطرية برئاسة حمد بن خليفة بن أحمد آل ثاني. وقد أكدت الجامعة في بلاغ رسمي بأن مجالات التعاون تشمل تنظيم المسابقات الرياضية بين المنتخبات والجمعيات والتحكيم والطب الرياضي وحتى الإعلام (مع العلم أن النُقطة المُتعلّقة بالصحافة أثارت حفيظة الجميع بأنها تُوحي بوجود «وِصاية» على القطاع). وقد كان من الضروري أن نستفسر الجويني عن «سرّ» غيابه عن حفل توقيع هذه الإتّفاقية خاصّة أنها حصلت في «الدوحة» كما أنه من الجهات المَعنية ببنودها في ظل التأكيد على التَعاون الثُنائي في مَجال التحكيم. وفي هذا السياق يؤكد الجويني أنه غير مَعني بصفة مباشرة بهذه الشراكة ويذهب الجويني أبعد من ذلك ليؤكد بصوت عال بأنه لن يسمح للحكّام القطريين ب»التَّصفير» في بطولة الجريء مُعتبرا أنه غير مُستعدّ لرميهم في جحيم السبّ والشّتم على يد بعض رؤساء الجمعيات الذين يَنالون من كرامة الحكّام دون أن تتحرّك الجامعة لمُعاقبتهم ورَدعهم. ويَختم الجويني حديثه مَعنا بالإشارة إلى نجاح الأشقاء القطريين في تنظيم «السُوبر» الإفريقي والتونسي في ظروف مُمتازة مُعتبرا أن احتضان مِثل هذه «الفِينالات» يُشكّل أحسن «بروفة» للمُونديال المُنتظر عام 2022.