بسم الله الرحمان الرحيم يا ايتها النفس المطمئنة ارجعي الى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي و ادخلي جنتي ببالغ الحزن والأسى واللوعة تعلن مؤسسة بولينا عن وفاة رئيسها المؤسس الراحل عبد الوهاب بن عياد الذي وافته المنية أمس الخميس 04 افريل 2019 عن سن يناهز81 سنة. فارقنا الراحل بجسده ولكنه لم يغادرنا بفكره وبعد نظره وإنجازاته، كان شعاره الأسمى «حب العمل المتقن عبادة"، كان رجلا متواضعا، عاشقا للثقافة، إنساني في علاقاته، أب للجميع، يجتمعون حوله المتفارقون، مناهضا شرسا للقبلية والبارونية والطائفية والجهوية مجددا و مبدعا بلا حدود. هو أحد أهم رجال الأعمال والاقتصاد الذين عرفتهم بلادنا منذ الفترات الأولى من الاستقلال، فمنذ أن كان شابًا وطالبًا في فرنسا، كان هدفه الأساسي الرقي ببلاده إلى مكانة إقتصادية هامة، وبالفعل بعد أكثر من 50 سنة من العطاء المتواصل ترك الراحل بصمة نوعية ومنفردة في التطور والنمو الإقتصادي ببلاده، بتفانيه اللامتناهي في العمل والجد والمثابرة وبنظرته الاستشرافية وتجديده المتواصل. هو مؤسس قطاع الدواجن الحديثة في تونس الذي أنشأه منذ سنة 1967، أحدث ثورة في العادات الغذائية للتونسيين (الذين كانوا تاريخيا يعتمدون اساسا على اللحوم الحمراء) وقد كان هدفه الاساسي هو ضمان الأمن الغذائي لبلاده. عند رجوعه من فرنسا اشتغل لسنوات قليلة مهندسا فلاحيا، بوزارة الفلاحة، ثم ارتأى أن يبعث مشروعا خاصا لتربية الدواجن، بجهة مرناق، هذا المشروع الذي كان يخالج ذهنه، منذ كان طالبا في جامعة تولوز، و قد سانده في طموحه رجال أبرار كانوا رفقاء دربه و سنده المتواصل و هم السيد محمد بوزقندة أطال الله في عمره و المرحوم عبد الحميد بوريشة تغمده الله بواسع رحمته و السيد توفيق بن عياد حفظه الله و المرحوم محسن القلال و المرحوم الهادي بريني رحمهم الله. معه ولدت بولينا، وتمكن الراحل عبد الوهاب بن عياد من جعلها "مدرسة للحياة" و "شركة صديقة للبيئة" و " شركة مواطنية" بامتياز، فقد سجلت مند نشأتها تعاقب عشرات الآلاف من المنتسبين لصفوفها، وانتجت أجيالا من المهارات المتشبعة بالمبادئ السامية وثقافة بولينا المبدعة والخلاقة. وتطورت المشاريع، واحدا تلو الآخر، في مجالات عدَّة، حتى بلغت اليوم، ما يناهز 108 شركة داخل البلاد وخارجها، تشغَّل حاليا، بصفة مباشرة وغير مباشرة، ما يقارب 25 ألف عامل وإطار، من أبناء الوطن وتنشط في كافة المجالات الاقتصادية: فلاحة وصناعة وسياحة وخدمات وإعلامية والتكنولوجيات الحديثة وغيرها من القطاعات الأخرى. ربط الثقافة بالمعرفة كان هاجسه الأكبر، وهي من أهم المعارك التي خاضها الراحل عبد الوهاب بن عياد لمحاربة الأصولية والتعصب، حيث تمكن، رغم كل المصاعب والعراقيل ومحاولات الإحباط من تحقيق حلم حياته، وهو تلك التحفة المعمارية، السياحية والثقافية الفريدة من نوعها، والمتحف الحقيقي في الهواء الطلق، مفترق الحضارات والتسامح والاعتدال: المدينة المتوسطية ياسمين الحمامات. اتسم بطبعه الإنساني اللامتناهي، فقد ساند الراحل عبد الوهاب بن عياد منذ نشأة بولينا التونسيين المحتاجين والمحرومين، خاصة في أصعب محنهم، كالكوارث الطبيعية مثل موجات البرد والفيضانات وكذلك خلال المناسبات الدينية (كشهر رمضان). رسخ الراحل عبد الوهاب بن عياد سياسة المسؤولية المجتمعية التي مكنت من انضمام مجموعة بولينا القابضة إلى الميثاق العالمي للأمم المتحدة للمسؤولية المجتمعية للمؤسسات وأن تصبح عضوا نشطا وشريكا فاعلا على أرض الواقع. وقد كانت آخر إنجازاته لتعزيز هذه الرؤية إنشاء مؤسسة بولينا للمعرفة حيث كان هدفه الرئيسي هو تعزيز ثقافة المعرفة ودعم وإحاطة الشباب التونسيين حاملي الشهائد العليا. ركز ثقافة العمل البناء والحكومة الرشيدة وكان من أهم أسس ذلك التَّفريق بين رأس المال والعمل، وهذا ما مكن بعد رحيله من انتقال سلس يضمن الاستمرارية والديمومة للأنشطة الاقتصادية لمجموعة بولينا القابضة. ولتكريم روح رئيسهم المؤسس الراحل عبد الوهاب بن عياد، سيلتزم كل منتسبي العائلة الموسعة لمجموعة بولينا القابضة بالاحترام التام لإرادته ومبادئه التي وضعها وناضل من أجلها طوال حياته والعمل بنفس الحماس الذي عرفوا به، للحفاظ على الإنجازات التي تحققت على مدى أكثر من 50 عامًا لأول مجموعة صناعية خاصة في تونس ودعمها وتطويرها لتبقي رائدة ومزدهرة كما أراد وخطط لها الراحل عبد الوهاب بن عياد. نسأل الله العلي القدير ان يتقبله برحمته الواسعة ويسكنه فراديس جنانه إنا لله وإنا اليه راجعون.