من خلال متابعة للحلقات الأولى للبرنامج الجديد «وحش الشاشة» لسمير الوافي، والذي يمثل نقطة عودة الوافي بعد غياب اضطراري، يعلم أسبابه القاصي والداني، لاحظنا غياب التجديد شكلا ومضمونا. فأول ما يمكن ملاحظته في البرنامج الجديد لسمير الوافي، هو التشابه الكبير بين ديكور برنامجه على قناة التاسعة «وحش الشاشة»، وبرنامجه السابق على قناة الحوار التونسي «لمن يجرؤ فقط»، علما وأن هذا الديكور شبيه بديكور برنامج في قناة فرنسية، قيل إن برنامج لمن يجرؤ فقط اقتنى حقوقه الأدبية. ومهما يكن الأمر، فإن هذا التحول في البرامج من قناة الحوار التونسي إلى قناة التاسعة بعد أن انتهى «المكتوب» بين المنشطين والقناة أي الحوار التونسي، فإن ما يمكن ملاحظته هو غياب التصور والأفكار، وكأن هذه البرامج هي الحصان الرابح الذي يجب المراهنة عليه، في حين أن سر نجاح هذه البرامج هو الابتذال وما يتضمنه من إثارة أو «بوز» ونجومية المنشط لا أكثر ولا أقل. وبالعودة إلى برنامج «وحش الشاشة»، يجب الإشارة إلى أن طبيعة الأسئلة هي نفسها التي تعودها المشاهد من الإعلامي سمير الوافي، والذي بذكاء مفرط منه لا يكون محايدا في بعض مواقفه، ويقف إلى جانب ضيف ضد آخر، بحنكة السنوات، لكن إعلاميا كان يتضح اصطفافه مع طرف ضد طرف آخر. من جهة أخرى، عنوان البرنامج لا يخلو من النرجسية المفرطة، التي لا علاقة لها بالواقع أصلا، فسمير الوافي، مميز في أسئلته – ما في ذلك شك – وهذا أسلوب برز به وأصبح «ماركة مسجلة» باسمه سواء كان في برنامج ضيوفه من السياسيين أو من الفنانين، فلا فرق في الموضوع ما دام المنشط هو نفسه وطريقة الاستفزاز والأسئلة هي نفسها. كنا نتمنى من سمير الوافي عودة قوية فعلا، فيها الكثير من الحنكة والصنعة والخبرة، بعد فترة عصيبة كان بإمكانه خلالها أن يبدع في تفكيره ويخلق برنامجا مختلفا ومتميزا، لكن سمير لم يفعل ذلك، وربما لم تكن زمام الأمور بيده، بل بيد القناة التي وضعت نفسها في وقت قصير منافسا أولا لقناة الحوار التونسي، وربما أيضا نكاية في سامي الفهري بعد أن تخلى عن الوافي في أعسر الفترات، رغم علمه بصعوبة وضعه. المهم أن الجميع كان ينتظر من «وحش الشاشة» وحشا حقيقيا يتمرد على الموجود بحبكة أو صنعة إعلامية، لكن سمير الوافي لم يظهر أي تطور، كما هو الحال مع معز بن غربية الذي تميز في برنامجه الجديد على قناة «قرطاج +»، «نحن هنا»، وبان معدنه الإعلامي، في أول فيتو في وجه قناته السابقة «التاسعة»، ولو أن المسألة اليوم أصبحت مسألة «صراع ديكة» أو صراع بين القنوات الخاصة، مرده الأخير دائما وأبدا التنافس على «كعكة الإشهار».