عرفت حركة «نداء تونس» تغييرات جذرية منذ تأسيسها كقوة جاءت لتعديل الكفة السياسية أمام تغول حركة «النهضة» مباشرة بعد الثورة. ونجح رئيس الحركة آنذاك الباجي قائد السبسي بفضل خبرته في الحياة وإلمامه بالشأن السياسي بالخصوص وهو الذي عاصر الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة في تجميع القوى المغضوب عليها وإنشاء متنفس للنشاط الحزبي . ورغم الانطلاقة الطيبة والحصول على الأغلبية في الانتخابات التشريعية السابقة فإن الحركة عرفت صعوبات كبيرة في تطبيق نقاط برنامجها الانتخابي، زادها التصدع في الأسس المتينة بسبب تبجيل ابن الرئيس حافظ قائد السبسي ووضعه على رأس النداء وهو ما استفز العديد من المؤسسين والفاعلين ممن اختاروا الابتعاد وتكوين حزب جديد يجمع الغاضبين من السياسة المنتهجة صلب الحزب. ولعل أغلب العارفين بدواليب التسيير داخل حركة «نداء تونس» أدركوا أن سبب التصدع هو حافظ وأن خروج بعض الفاعلين كان بسبب عدم قدرة المسؤول الأول على اتخاذ القرار المناسب القادر على إعادة العافية الى الحركة وطمأنة القواعد التي باتت تسخر من الحزب وتطلق عليه حزب «الباتيندة». واليوم ونحن على مشارف انتخابات تشريعية ورئاسية تجلت لدى الوسطيين رغبة في لم الشمل وتجميع الأحزاب التي تحمل نفس التوجهات السياسية والمبادئ، لكن هذه الرغبة اصطدمت بسعي القائمين على الحركة إلى فرض حافظ قائد السبسي على مستوى الرئاسة ليظل خليفة لوالده رغم المعارضة الشديدة التي يلقاها حتى من بعض المقربين منه والذين لا يجرؤون على الإصداع بالحقيقة خوفا من ردود الفعل ومحافظة على مصالحهم. وتأتي مؤاخذة حافظ قائد السبسي على سعيه إلى الزعامة بسبب حداثة عهده بالشأن السياسي وعدم توفيقه في استقطاب عديد الأسماء الفاعلة التي قالت إذا كنا نريد مصلحة تونس فلا بد أن يكون النداء بلا حافظ.