في كلمته الأخيرة بمناسبة مؤتمر نداء تونس بدا الباجي قائد السبسي أكثر إصرارا من المرات السابقة على عودة يوسف الشاهد إلى الحزب. وهو ما يطرح فرضيات عديدة حول أسباب هذا الإصرار. تونس «الشروق» ليست المرّة الأولى التي يُلمّح فيها الباجي قائد السبسي إلى عودة يوسف الشاهد إلى حزب النداء ورفع قرار التجميد الذي اتخذه ضده الحزب. فبمناسبة خطاب عيد الاستقلال، وضع عودة الشاهد كأحد شروط تحقيق الإصلاح في البلاد من خلال عبارته الشهيرة «كان يرجعلنا الشاهد ونمشيو اليد في اليد..». ويوم السبت الماضي قطع قائد السبسي خطوة إضافية حول هذا الموضوع بتوجيه دعوة الى حزب النداء حتى يرفع التجميد عن الشاهد لأنه «ابن الحزب».. فرضيات عديدة يطرحها المتابعون حول الأسباب الحقيقية التي قد تكون دفعت بالباجي قائد السبسي إلى «الإصرار» على عودة الشاهد إلى حزب النداء بعد جفاء وتقلبات عديدة في علاقة الطرفين طيلة حوالي عام، وتجسّدت من خلال مطالبة رئيس الدولة في عديد المناسبات بإقالة رئيس الحكومة.. الشاهد.. لتقوية النداء الفرضية الأولى هي وجود رغبة حقيقية لدى الباجي قائد السبسي في إعادة بناء «النداء التاريخي» أي نداء 2012 الذي لم شمل عدة أطراف دون إقصاء وتقويته بكل الوسائل الممكنة استعدادا للانتخابات القادمة وذلك من خلال دمج عدة قوى داخله. وقد يكون قائد السبسي أراد من وراء ذلك الاستفادة من الشاهد كشخصية وازنة في المشهد العام اليوم ليقوي من خلاله النداء خصوصا بعد أن نجح في أن يكون وراء تأسيس حزب جديد وكتلة برلمانية هامة فضلا عما حققته له رئاسة الحكومة من تموقع متميز في المشهد العام. ويستحضر المتابعون في هذا السياق ما ذكره رئيس الهيئة السياسية للنداء سابقا حافظ قائد السبسي حول إمكانية أن يكون الشاهد مرشح النداء للانتخابات الرئاسية. وهو ما يعني أن الباجي قائد السبسي قد يكون فكر جيدا في ذلك لأنه لن يجد أفضل من الشاهد ليكون مرشح النداء للرئاسية خاصة إذا اتخذ هو قرارا بعدم الترشح. محاصرة النهضة الفرضية الثانية هي اتضاح رغبة الباجي قائد السبسي في مزيد «محاصرة» النهضة كقوة سياسية قادرة على منافسة النداء بجدية في الانتخابات القادمة وافتكاك الصدارة منها. كما أن النهضة التي قال عنها قائد السبسي إنها قطعت علاقة التوافق معه ومع حزب النداء أعلنت منذ أشهر الشروع في التحضير للدخول في علاقة شراكة مع يوسف الشاهد. وهو ما قد يمثل أيضا ضربة قوية للنداء في الانتخابات القادمة (في صورة تحالف النهضة والشاهد ومعه تحيا تونس). وبالتالي اعتبر البعض أن الباجي قائد السبسي أراد من خلال دعوة الشاهد الى العودة الى النداء إبعاده عن ساحة النهضة وسحب بساط اية تحالفات ممكنة من تحتها حتى يُبقيها معزولة وغير قادرة على تصدر المشهد بعد الانتخابات القادمة. ويمكن أن يندرج ضمن هذا ما تردد عن اتجاه النداء نحو الاعلان بصفة رسمية إثر مؤتمره القطع مع كل الأحزاب ذات المرجعية الدينية وفي ذلك تلميح للنهضة. تقوية «الوسط» على صعيد آخر يتحدث متابعون عن فرضية ثالثة من وراء دعوة الباجي للشاهد وهي فرضية «التوازنات الدولية» التي قد تكون بصدد لعب دور بارز في المشهد السياسي الداخلي. حيث لا يستبعد البعض أن عودة الشاهد إلى النداء تدعمها عديد الأطراف في سبيل تقوية النداء والقوى الوسطية التقدمية بشكل عام ( ومنها حركة تحيا تونس المحسوبة على الشاهد) وجمعها تحت راية واحدة لخلق التوازن مع حركة النهضة وكل ذلك لا يمكن أن يتم إلا عبر إعادة بناء نداء 2012 الذي لم شمل العائلة الوسطية. وأطاح بالنهضة في انتخابات 2014.. إحراج الشاهد في سياق قريب يتحدث البعض عن فرضية أخرى تبدو قريبة من هذه الفرضية. وهي أن يكون الباجي قائد السبسي أراد «إحراج» الشاهد ووضعه أمام حتمية العودة إلى النداء وبالتالي إلى العائلة الوسطية التقدمية. فالشاهد إذا قبل العودة سيعبر بذلك عن انسجامه مع القوى التقدمية والوسطية الحداثية. وإذا رفض فإن ذلك سيعني في نظر المتابعين ولدى الرأي العام في تونس وفي الخارج أنه يريد البقاء مسنودا من النهضة. وهو ما قد يجرده ويجرّد حزبه الجديد «تحيا تونس» من صفات التقدمية والحداثة التي تعتبر ورقة انتخابية هامة في تونس. مصطفى بن أحمد (الائتلاف الوطني) لا يمكن التكهن ب«نوايا» الباجي قائد السبسي علق رئيس كتلة الائتلاف الوطني بالبرلمان مصطفى بن أحمد في تصريح ل»الشروق» على دعوة رئيس الجمهورية الى إعادة يوسف الشاهد إلى النداء بالقول إنها «شأن يهم الطرفين و لا يمكن التكهن بما يرمي إليه رئيس الجمهورية – الذي أحترمه كثيرا - من هذه الدعوة ولا بما سيقوم به الشاهد ردّا على الدعوة». وحول إمكانية حصول تقارب في ما بعد بين النداء وتحيا تونس ( في صورة قبول الشاهد بالعودة إلى النداء ) قال مصطفى بن أحمد إن «أي تقارب بين طرفين سياسيين يجب أن يكون قائما على أرضيات سياسية صلبة واثر نقاشات وتفاوض بطريقة منظمة وليس بمجرد دعوة أو مبادرة للتقارب تكون مبنية على العاطفة». واعتبر أنه من هنا فصاعدا ستكون الدعوة الى تقارب بين النداء وتحيا تونس «في الوقت الضائع». بين الشاهد... والنداء في 2012 غادر يوسف الشاهد الحزب الجمهوري الذي كان من مؤسسيه. وانضم إلى نداء تونس. وأصبح عضو المكتب التنفيذي. ماي 2018: يوسف الشاهد «يهاجم» في كلمة تلفزية المدير التنفيذي لحركة نداء تونس حافظ قائد السبسي والمحيطين به. واتهمه «بتدمير» الحزب وقيادته إلى عدة هزائم. ويدعو إلى مسار إصلاحي في الحزب. 14 سبتمبر 2018: الهيئة السياسية لنداء تونس تقرر تجميد عضوية الشاهد وإحالة ملفّه على لجنة النظام. جانفي 2019: الاعلان عن تأسيس حركة تحيا تونس المحسوبة على يوسف الشاهد. 20 مارس 2019: الباجي قائد السبسي يعبر عن رغبة في «عودة الشاهد» اليه وإلى النداء والعمل معا «اليد في اليد» لتحسين وضع البلاد. 6 أفريل 2019: في افتتاح مؤتمر النداء الباجي يطلب من الندائيين رفع التجميد عن الشاهد لأنه ابن الحزب.