بعد انتهاء أعمال هيئة الحقيقة والكرامة على فشل ذريع انتهى بإفراز انقسامات كبرى، تتطلع الحكومة قريبا الى احالة مشروع قانون يتعلق باستكمال مسار العدالة الانتقالية وبإرساء المصالحة الشاملة وبتعزيز الوحدة الوطنية لطي ملف العدالة الانتقالية في سنتين. تونس «الشروق» «الشروق» تحصلت على وثيقة مشروع القانون الاولي قبل احالته على البرلمان، وتنشر تفاصيله وابرز المحاور التي تضمنها في سياق عملية كشف الحقيقة والاعتذار والمصالحة وطريقة التسوية في المجال الاقتصادي الواردة فيه. وجاءت فلسفة مشروع القانون الجديد المضمنة في فصله الأول مشابهة لفلسفة القانون عدد 53 لسنة 2013 والمتعلق بالعدالة الانتقالية، حيث يهدف أساسا وفقا لما ورد في أحكامه العامة الى ارساء نظام قانوني يحفز على كشف انتهاكات حقوق الإنسان قصد معرفة الحقيقة والاعتذار للضحايا في كنف جبر اضرار الضحايا ورد الاعتبار لهم والوقوف على مسؤوليات اجهزة الدولة وغيرها في حصول تلك الانتهاكات وبيان سياقاتها علاوة على إيجاد آليات تسمح بتسريع استرجاع الأموال العمومية المستولى عليها. مشروع القانون الجديد ورد تحت مسمى « مشروع أولي لقانون أساسي يتعلق باستكمال مسار العدالة الانتقالية وبارساء المصالحة الشاملة وبتعزيز الوحدة الوطنية» وتوزع على 64 فصلا وقع تبويبها في 4 ابواب بين الاحكام العامة وكشف الحقيقة والاعتذار والمصالحة والتسوية والمصالحة في المجال الاقتصادي وأحكاما عامة، كما تضمن مشروع القانون الجديد احداث لجنتين وفق الية التعيين، واحدة للمصالحة بخصوص انتهاكات حقوق الانسان واخرى للتسوية في خصوص الجرائم المالية. من سيشرف على المصالحة؟ وتبعا لانتهاء أشغال هيئة الحقيقة والكرامة يقترح القانون الجديد في فصله الثالث احداث لجنة مستقلة للمصالحة في مجال الانتهاكات المتعلقة بحقوق الانسان، حيث تتركب من 9 اعضاء عبر الية التعيين 6 منهم من صنف اصحاب الخبرة القانونية المميزة و 3 من صنف الشخصيات الوطنية، حيث يعين رئيس الجمهورية عضوين من الصنف الاول وعضو من الصنف الثاني ويعين على نفس هذا الاساس كل من رئيس الحكومة ورئيس البرلمان باقي الاعضاء، كما يتم سد اي شغور محتمل في تركيبتها عبر الية التعيين نفسها لتجنب التجاذبات السياسية في البرلمان اثناء سد الشغور ان حصل. وتدوم اشغال هذه اللجنة ولجنة التسوية ايضا لمدة سنتين من تاريخ اداء اعضاء لجنة المصالحة لليمين، وتجدر الاشارة الى ان الفصل السابع من مشروع القانون قد خص مشروع أعضاء لجنة المصالحة بحصانة خاصة تقضي بعدم امكانية تتبع اي عضو من أعضائها الا بعد رفع الحصانة عنه بثلثي أعضائها ونوّه الى أن اختصاصات لجنة المصالحة غير قضائية وليس لها اثارة الدعاوى المتعلقة بالمسؤولية الفردية. كيف ستتم المصالحة؟ يقترح القانون الجديد افراد لجنة المصالحة بالنظر في كافة الملفات المعروضة عليها بخصوص انتهاكات حقوق الانسان، وهو ما يعني الغاء الدوائر القضائية المتخصصة التي وقع احداثها بموجب الفصل 8 من القانون الاساسي عدد 53 لسنة 2013 والمتعلق بالعدالة الانتقالية، حيث يلزم الفصل 12 من مشروع القانون الجديد هذه الدوائر باحالة الملفات الواردة عليها الى لجنة المصالحة. وعلى هذا النحو تتولى لجنة المصالحة اعلام المعنيين بالامر باحالة ملفاتهم اليها كما يمكن لاي شخص تعلقت به انتهاكات سواء امام الدوائر القضائية المتخصصة او امام القضاء العادي او امام جهة قضائية اخرى تقديم مطلب مصالحة لدى اللجنة نفسها في اجل اقصاه عام من بداية اشغال اللجنة ليتم البت فيه في غضون 6 اشهر وللجنة الحق في ان تمدد في هذا الاجل مرة واحدة بثلاثة اشهر في الحالات القصوى. وعن كيفية هذه المصالحة فان الفصل 19 من مشروع القانون قد اورد تفاصيلها، وتقضي باتباع مسار ينطلق من تقديم المنسوب اليه الانتهاك اعتذارا صريحا حول الافعال المنسوبة اليه امام لجنة المصالحة لتبت فيه اللجنة التي تأخذ قراراتها بشكل توافقي، ويشار الى ان نفس الفصل يعفي المنسوب الى ممارسة الانتهاك من الاعتذار في صورة اقرار لجنة المصالحة بعدم وجوده. والاعتذار المذكور يعد بموجب الفصل 20 قرارا نهائيا، لا يقبل الطعن باي وجه من الوجوه بما في ذلك الطعن بالتعقيب ودعوى تجاوز السلطة ليكون هذا الاعتذار الشرط الاساسي لحدوث المصالحة وغلق الملف بشكل نهائي طالما وأن الملف المعالج مندرجا في صلاحيات اللجنة. اما بخصوص جبر الضرر لضحايا انتهاكات حقوق الانسان فان القانون الجديد في فصله الثاني يقترح ابقاء نفس الصيغة الواردة في قانون 2013 والتي تعتبر جبر ضرر ضحايا الانتهاكات حق يكفله القانون والدولة مسؤولة على توفير أشكال الجبر الكافي والفعال بما يتناسب مع جسامة الانتهاك ووضعية كل ضحية، على أن يؤخذ بعين الاعتبار الإمكانيات المتوفرة لدى الدولة عند التنفيذ. ويشارالى ان نظام جبر الضرر ن يقوم على التعويض المادي والمعنوي ورد الاعتبار والاعتذار واسترداد الحقوق وإعادة التأهيل والإدماج ويمكن أن يكون فرديا أو جماعيا ويأخذ بعين الاعتبار وضعية كبار السن والنساء والأطفال وذوي الاعاقة وذوي الاحتياجات الخاصة والمرضى والفئات الهشة. كيف تتم التسوية؟ والتسوية التي يقترحها القانون الجديد تمر ضرورة عبر لجنة التسوية المحدثة المبينة في الفصل 26 منه ، حيث تتركب هذه اللجنة من 9 اعضاء، 6 منهم من صنف اصحاب الخبرة المالية والمحاسبية المميزة و 3 آخرين من صنف اصحاب الخبرة القانونية، ويعين رئيس الجمهورية ثلث اعضاء اللجنة بمن فيهم رئيسها على اساس عضوين من الصنف الاول وعضو من الصنف الثاني ويعين رئيس مجلس نواب الشعب ورئيس الحكومة باقي الاعضاء على نفس هذا الأساس. وتلزم اللجنة المذكورة الحاصلين على منفعة مادية بالاعتذار وبيان الوقائع التي ادت الى حصول المنفعة وقيمتها وتقدر لجنة التسوية وفقا للفصل 32 قيمة الاموال المستولى عليها لتتم التسوية مقابل دفع مبلغ مالي يعادل قيمة الاموال العمومية المستولى عليها وتضاف اليها 5 بالمائة عن كل سنة مرت من تاريخ حصول ذلك، ويقضي هذا المسار باغلاق ملف التتبعات القضائية ضد مرتكبي جرائم الاستيلاء على الأموال العمومية. كما نص الفصل 37 من مشروع القانون على الا يخضع للمؤاخذة الجزائية الأشخاص الذين كلفوا باعمال على أساس خبرتهم وقاموا بها حتى موفى 14 جانفي 2011 شريطة عدم الحصول على فائدة مادية لا وجه لها لانفسهم. ويشار الى ان الاحكام النهائية المضمنة في مشروع القانون نصت على الغاء الدوائر القضائية القضائية المتخصصة والزام كل من لجنة المصالحة ولجنة التسوية باعداد تقرير تاليفي ينشر بالرائد الرسمي ويتضمن خلاصة الحقائق المتوصل اليها والاسباب التي ادت الى حصول الافعال المتصلة بانتهاكات حقوق الانسان وبالفساد المالي والاستيلاء على الاموال العمومية وتقديم التوصيات والاجراءات التي من شأنها ان تدعم الحكومة الرشيدة وعدم تكرار الانتهاكات. القانون في أرقام 2: هو عدد السنوات المقترحة لاستكمال مسار العدالة الانتقالية. 2: هو عدد الفصول الواردة في باب الاحكام العامة والتي تلخص اهداف القانون في ارساء نظام قانوني يحفز على كشف انتهاكات حقوق الانسان قصد معرفة الحقيقة والاعتذار للضحايا ليفضي الى مصالحة وطنية شاملة تمكن من تحقيق الانتقال الديمقراطي بأيسر السبل. 23 : هو عدد الفصول الواردة في الباب الثاني المتعلق بكشف الحقيقة والاعتذار والمصالحة، ويعنى هذا الباب بتعريف لجنة المصالحة وبيان تركيبتها وطريقة تعيينها وصلاحياتها وكيفية الغاء الدوائر القضائية المتخصصة علاوة على كيفية اجراء المصالحة في مجال الانتهاكات المتعلقة بحقوق الانسان. 12: هو عدد الفصول الواردة في الباب الثالث المتعلق بالتسوية في المجال الاقتصادي والمالي، ويعنى هذا الباب ببيان اختصاصات لجنة التسوية وبيان تركيبتها وطريقة تعيينها وصلاحياتها وكيفية اجراء الصلح مقابل دفع غرامة مالية. 9: هو عدد الفصول الواردة في باب الاحكام النهائية والتي تضمنت قرار الغاء الدوائرالقضائية المتخصصة واعطاء صلاحية فض النزاع في العفو الممنوح للموظفين العموميين الذين تمت مؤاخذتهم على افعال كلفوا بها دون الحصول على فائدة مالية شخصية لهم الى الرئيس الاول لمحكمة التعقيب. 266: هو عدد الايام المتبقية في الدورة البرلمانية الحالية والتي يمكن من خلالها مناقشة القانون والمصادقة عليه.