نفته الثورة، هجرته عشيقته، عذبه السل ولكن تألقه لم يخفت أبدا، تجسدت فيه كل الصور النمطية للفنان الرومانسي… انه فريدريك شوبان. ولد شوبان عام 1810 في مدينة وارسو واثبت منذ صغره وجوده على ساحة الموسيقى حيث ألف معزوفتي «بولونيز» بعمر ال 7 سنوات وقام بإحياء أول حفل له بعمر ال8 سنوات فقط، وبعمر ال16، انضم الى معهد وارسو الموسيقي. عام 1831 وبعد الاجتياح الروسي لبولونيا ، غادر شوبان البلد حاملا معه جرة من التراب ، ليصنع لنفسه اسما وموطنا جديدا في عاصمة البيانو العالمية باريس. وبعد أول عرض له في العاصمة الفرنسية ازدادت قاعدته الجماهيرية بشكل كبير لتضم العمالقة هكتور بيرليوز وفيليكس منديلسون إلى جانب فرانز ليست وروبرت شومان. فضّل شوبان العروض في الصالونات الخاصة للطبقة الباريسية النبيلة أكثر من العروض العامة التي تتسم بالضغوط والمخاطرة حيث لم تتجاوز عروضه العامة الثلاثين عرضا. و عندما بلغ عامه ال25 تقدم للزواج من فتاة أغرم بها ولكن علاقتهما لم يكتب لها النجاح … تعرف لاحقا على الروائية جورج ساند التي شكلت منعرجا في حياته حيث ألّف أهم مقطوعاته وابرزها «البريلودز» المفضلة لديه. و رغم عشقه الكبير لساند انفصل عنها بسبب الخلافات الكثيرة التي كانت تحدث بينهما . الشيء المعروف عن شوبان أن حالته الصحية كانت دوما سيئة و مع ذلك الف اكثر من 230 معزوفة . كما لم ينس بلده المحتل بولونيا حيث ظهرت روحه الوطنية في شكليّ ال»بولونيز» وال»مازوركا»، كان من أوائل من كتب ال»بالاد» وال»شيرزي» كمقطوعات موسيقية مستقلة. وقد غير أسلوب ال»فالس» من موسيقى راقصة إلى موسيقة صالونات ذات إيقاع سريع (وهو أمرٌ غير معتاد في الفالس). ومن أشهر أعماله «فيونيرل مارتش» (وهي الوحيدة التي حملت اسما بدلا من مجرد إعطائها رقما كباقي المؤلفات)، وتعتبر من أشهر الألحان الجنائزية. كان مرضه واضحا ولم يتجاوز وزنه حينها ال45 كيلوغراما ، في 17 أكتوبر سنة 1849 توفي فريدريك شوبان في باريس دون أن يُعرف سبب وفاته الحقيقي إلا أنه كان يعاني كثيرا من مرض السل.