تسجل طلبات هجرة الأطباء التونسيين الى الخارج نموا متسارعا من سنة الى أخرى يصل أحيانا الى 47%. ورغم أن الوزارة وعمادة الأطباء لا يمتلكان سجلا للأطباء فإن التوقعات تشير الى أن عدد الأطباء المهاجرين سيصل سنة 2019 إلى 914 طبيبا إلى أن يتجاوز 2700 طبيب سنة 2022 ممّا قد يؤثّر حتما على التّوازن الحالي. وقد يجعل بلدنا في حاجة ماسّة إلى استجلاب الأطبّاء من الخارج لتأمين الحاجيّات الأساسيّة للخدمات الطبّية. فعدد كبير من الأطباء من أصحاب الخبرة ومن الشبان يغادرون هربا من الأوضاع الاقتصادية في البلاد وتدني المداخيل وأيضا تراجع البنية الأساسية في جل المؤسسات الصحية العمومية بما في ذلك تلك الموجودة في العاصمة وفي المدن التونسية الكبرى, وغياب ظروف العمل وكثرة الاعتداءات على الأطباء وتعمد شيطنتهم. واذا كان لا يحق للوزارة وعمادة الأطباء منع الأطباء من الهجرة فإن الوضع في البلاد مرشح للأسوأ. وقد لا يجد المرضى من يوفر لهم العلاج و الخدمات الصحية المطلوبة. واذا كانت تونس مثلت سابقا مركزا مهما للاستشفاء واستقطاب المرضى من مختلف الجنسيات الأوروبية والعربية والافريقية بفضل توفر كفاءات طبية مشهود لها عالميا ، فإننا قد نضطر مستقبلا الى انتداب أطباء من الصين أو من بلدان أوروبا الشرقية وغيرها. إن الوزارة مطالبة اليوم بتدارك الوضع واستباق الخطر الداهم بوضع حوافز للإبقاء على كفاءاتنا في البلاد والتشاور مع الهياكل الطبية لإيجاد الحلول قبل مزيد تعمق الأزمة, ووصول الصحة العمومية إلى مستويات كارثية. والمطلوب الآن إدراك الدولة أن مستشفياتنا أولى بأطبائنا وعليه يجب إعادة الاعتبار الى الطبيب في تونس ومنحه راتبا مجزيا يتناسب مع ما أنفقته عليه الأسرة والدولة على حد السواء ويتناسب مع ما أمضاه من سنوات مضنية في البحث والدراسة والتكوين.