يبدو أن وعود المشير خليفة حفتر القائد العام للجيش الوطني الليبي بتحرير طرابلس من المليشيات خلال 48 ساعة كانت مجرد «أحلام يقظة « حيث تبين بالكاشف أن تحرير العاصمة يتطلب ربما أشهرا أخرى رغم تدارك الناطق الرسمي باسم الجيش وتأكيده أن التحرير سيعلن عنه قبل بداية شهر رمضان الذي يفصلنا عنه أسبوعان فقط . لكن الأسئلة المطروحة في هذا الاطار هي لماذا عجز الجيش عن تحقيق اهدافه بالدقة المطلوبة وفي الوقت المحدد؟ . ولماذا اصبح يتحدث عن مدة شهر أو اكثر عوض 48 ساعة ؟ وأي افق للحرب المستعرة في طرابلس ؟ لا شك ان الخارطة السياسية والعسكرية في ليبيا تشير بكل وضوح الى ان امكانيات حفتر تفوق بكثير ما تملكه الميليشيات في طرابلس المتحالفة مع حكومة فائز السراج . لكن في خضم هذه الحرب ، دخلت عدة عناصر مفاجئة على خط الازمة حيث حوصرت قوات خليفة حفتر القادمة من شرق البلاد ووسطه على تخوم العاصمة طرابلس بعد انضمام عدة كتائب مسلحة وخارجة عن القانون في أتون هذه الحرب. ونعني هنا كتائب مصراته التي قررت بشكل مفاجئ مساندة ميليشيات طرابلس . وهذا التدخل من قبل مصراته هو السبب الرئيسي في تأخر الحسم العسكري للحرب هناك .كما تشير التوقعات الى أن هذه الخطوة المفاجئة من ميليشيات مصراته ستقود البلاد الى أسوإ حرب أهلية قد تشهدها المنطقة بحكم أن هذه المليشيات تعد آلاف المقاتلين في صفوفها . اذن فحسابات حفتر قد صدمت بعدة متغيرات اقليمية ومحلية فالتقارير الواردة من ليبيا تؤكد ان الميليشيات في طرابلس تتلقى مددا عسكريا هائلا من دول لا تريد الاستقرار للبلاد . كما تقدم بعض الدول الغربية مساعدة فنية وتقنية لهؤلاء المليشيات ،وخير دليل على ذلك هو التقرير الذي بث قبل يومين والذي نشر صورا لبعض المستشارين الأوروبيين بصدد الاشراف على منطقة عسكرية تابعة لبعض الميليشيات المتطرفة التي تقاتل الجيش الوطني الليبي . كل هذه العوامل والتدخلات الدولية والاقليمية السافرة في المشهد الليبي ،والتي طفت بشكل واضح على السطح ، عمقت الازمة وزادت من حدة التوتر بل وساهمت في حدة الحرب عبر دعم طرف على آخر . ومن هنا يبدو أن ليبيا مقبلة على صراع حاد قد يطول أمده وقد يتجاوز كل التوقعات بسبب تعنت كل الاطراف المتصارعة . لكن في هذه المرحلة الحساسة والحرجة التي تمر بها ليبيا يبقى الوعي الشعبي هو العامل الرئيسي لانهاء هذه الحروب الطاحنة . فالمواطن الليبي اليوم مطالب بالوقوف الى جانب مؤسسته العسكرية الرسمية القادمة من شرق البلاد من اجل محاربة عربدة المليشيات المارقة عن القانون والمتحكمة في مفاصل الدولة ،والتي حولت حياة المواطنين الى جحيم . المرحلة المقبلة هي مرحلة الشعب الليبي للانتفاض على الارهاب ومساندة دعاة الاستقرار ومحاربة الفوضى والارهاب .