تونس الشروق: تزينت جدران المعاهد الثانوية التونسية خلال فترة امتحان الرياضة الخاص بالمترشحين لاجتياز مناظرة البكالوريا لهذه السنة، بلافتات، أو كما يعبر عنها لدى التلاميذ ب»دخلة الباك سبور»، والتي أصبحت عادة سنوية بالنسبة لتلاميذ البكالوريافي تونس، لكنها هذه السنة كانت مكثفة وفي أغلب معاهد الجمهورية التونسية، وبلافتات أقل ما يقال عنها انها لا تخلو من الجمالية، لتناسق بعدها الفني الجمالي مع المضامين والرسائل المراد إيصالها. رسائل كانت محملة بهموم وشواغل التلميذ والشباب التونسي، والمواطن التونسي عموما، رسائل في الواقع خاطبت السياسيين بطريقة حضارية ثقافية فنية، وأثبتت أن التلميذ التونسي واع بما يدور حوله من أوضاع سياسية واقتصادية مزرية، ولكنها أيضا بينت أن التلميذ التونسي لم يفقد الأمل، ومازال يحلم بغد أفضل وبمستقبل أفضل، وكأنه يوجه تحذيرا إلى الطبقة السياسية، بأن الثورة الحقيقية مازالت لم تحصل بعد. وهو ما أكده عدد من الفنانين التشكليين في حديثهم ل»الشروق»، عن آرائهم وتقييمهم الفني لهذه اللافتات التي كست جدران المعاهد الثانوية في «الباك سبور»، وفي هذا السياق، تحدث الأستاذ الجامعي بالمعهد العالي للفنون والحرف بالمهدية، والفنان التشكيلي المخضرم، محمد البعتي، عما سماه نضج التلميذ التونسي، ونقده ورسائله الرمزية التي طرح من خلالها التلاميذ عديد القضايا، وهو ما اعتبره محدثنا بداية وعي لدى الناشئة بالمواضيع الحارقة. وأضاف البعتي قائلا: «وهذا أيضا عاينته لدى طلبتي والطلبة عموما بالمؤسسات الجامعية، عندما قاموا بوقفات احتجاجية سلمية فيها الكثير من الرقي الحضاري، وهو ما يدل على وعي لدى الطلبة تجاوز مراهقة السياسيين وحتى وعي الجامعيين..». لوحات فنية وعما عاينه الفنان التشكيلي محمد البعتي في لافتات ما يسمى ب»دخلة الباك سبور»، فنيا، قال: «ما أنجز من لافتات عملاقة، لا أتصور أنه تضمن تحكما تقنيا ووعيا بالتكوين والحركة وما إلى ذلك من المسائل التقنية الأكاديمية، لكن اللوحات كانت قريبة من الحرفية، وأظن أن التلاميذ استعانوا بفنانين تشكيليين محترفين في بعض اللافتات التي رأيتها». وغير بعيد عن الفنان محمد البعتي، اعتبرت الأستاذة والفنانة التشكيلية آمال الحجار، أن اللافتات التي أبدعها تلاميذ الباكالوريا لهذا العام، جيدة تقنيا، ورجحت أن يكون مصوروها من التلاميذ الموهوبين في الرسم وبمجهوداتهم الخاصة، مستبعدة أن يكونوا قد استعانوا بفنانين تشكيليين محترفين، لأن اللافتات التي رأت أغلبها وتابعتها على موقع التواصل الاجتماعي فايسبوك، قريبة، مما يعرف بدخلة الجمهور في كرة القدم كما هو الحال في مباريات دربي العاصمة خاصة. لكن آمال الحجار، شددت على أن ميزة هذه اللافتات في القضايا المطروحة والتي تدل على وعي التلميذ بما حوله من أحداث وقضايا وطنية وعربية (القدس مثلا)، مشيرة إلى أن تلاميذ البكالوريا نجحوا من خلال هذه «الدخلات» في تبليغ رسائلهم ومحنهم وحتى فرحهم بطريقة فنية حضارية ما في ذلك شك على حد تعبيرها. الجمالية موجودة رغم عدم الحرفية ما اعتبرته آمال الحجار بخصوص دخلة الباك سبور، شبيه بدخلة مباراة كرة قدم، أكدته أيضا الفنانة التشكيلية ليلى مبروك، التي اعتبرت أن الرسوم التي شاهدتها جميلة ومعبرة سياسيا، وتنم عن وعي كبير لدى هذا الجيل من التلاميذ، لكنها، فنيا، ليست برسوم حرفية، لفنانين تشكيليين محترفين، على حد تعبيرها. وفي الجانب الفني لللافتات كان رأي الفنانة التشكيلية آمال بن حسين، تماما كرأي الفنانة ليلى مبروك، حيث شددت الفنانة آمال بن حسين على أنه لا يمكن الحديث عن الحرفية في لافتات الباك سبور لكن في المقابل قالت: «هي تعبيرات جميلة جدا، عبر التلاميذ من خلالها عن وضعهم و»يعطيهم الصحة»، وبصدق اعجبت بها كثيرا لأنها بدت تلقائية وصادقة ومعبرة عن الوضع الراهن في كل تمظهراته السياسية والاجتماعية السلبية ويمكن القول إن التلاميذ في دخلة الباك سبور، حاولوا إيصال مضامين ورسائل سياسية بطريقة ثقافية حضارية، ونجحوا في ذلك، على أمل نجاحهم في الباكالوريا».