اختتمت يوم الأحد 4 نوفمبر الجاري بأحد فنادق المهدية فعاليات التظاهرة الدولية الكبرى عن الفنون التشكيلية وفق سؤال هو" هل استوعبت فعاليات الإقتباس الكفاءات الإبداعية المعاصرة وأنهت بالتالي حاكمية الفن " حيث كان الافتتاح بمعرض للأعمال الفنية التشكيلية التونسية و العربية باشراف المندوب الجهوي للشؤون الثقافية و كان ذلك في اطار حفل استقبال بدار الثقافة بالرجيش و على شرف الضيوف .. و قد شهدت دار الثقافة بالرجيش و باشراف المندوبية الجهوية للشؤون الثقافية و بدعم من وزارة الثقافة فعاليات الندوة الدولية التي قدمت من قبل دار الثقافة بادارة الفنانة التشكيلية و صاحبة هذه المبادرة الحدث الأستاذة عواطف الغضباني هذه الندوة ضمت مشاركات واسعة من قبل فنانين و نقاد و دارسين و مهتمين بالفنون التشكيلية حيث كانت مدينة رجيش مفتتح و منطلق هذا الحدث الثقافي و العلمي و النقدي في الفترة بين يومي 2 و 4 نوفمبر مجالا لعدد من الضيوف من العالم العربي بما في ذلك من تونس لتقديم عدد من المداخلات كانت محل نقاش علمي و فني و ابداعي و نذكر هنا مثلا الدكتورة هبة الهواري الناقدة التشكيلية وعضو المجلس الأعلى للثقافة بمصر والناقدة أمل أحمد محمود نصر و الاستاذ مصطفى كمال الدين من جامعة الإسكندرية المصرية و الدكتور حمدي صادق أبو المعاطي نقيب الفنانين التشكيليين بمصر والفنان والناقد المغربي بنيونس عميروش والدكتورة الزهرة ابراهيم من المغرب والأستاذ محمد شكير وهو باحث في الفلسفة المعاصرة والجماليات وأستاذ بجامعة محمد الخامس بالرباط و الباحثة الليبية سعاد الشويهدي من جامعة طرابلس و الدكتورو الفنان محمد البّعتي الأستاذ المساعد المعهد العالي للفنون والحرف بالمهديّة و الأستاذ رمزي التركي الأستاذ المساعد المعهد العالي للفنون والحرف بالمهديّة والاستاذة ألفة معلّى من المعهد العالي للفنون والحرف بصفاقس والاستاذ فتحي بوزيدة من المعهد العالي للفنون والحرف بصفاقس والاستاذة سلوى العايدي من المعهد العالي للفنون والحرف بصفاقس و الفنانة الدكتورة و الجامعية نجاة الذهبي و الدكتورة و الأكاديمية آمال كمون والاستاذ محمد الرقيق من المعهد العالي للفنون والحرف بصفاقس والفنانة عواطف منصور الأستاذة المساعدة للتعليم العالي بكلية الآداب والفنون والإنسانيات بمنوبة و الاستاذة هديان الزين من المعهد العالي للفنون والحرف بالقيروان و الفنانة والأستاذة مها مكشر من جامعة المنستير.. و غيرهم .. تعددت الجلسات العلمية التي ساهم في تحريك نقاشاتها و أسئلتها الدكتور محمد بن حمودة الأستاذ والناقد محمد بن حمودة، صاحب الكتب والمقالات والبحوث في الثقافة والفن والجماليات وهو استاذ التعليم العالي بجامعة صفاقس ومدير المعهد العالي للفنون والحرف بصفاقس سابقا وصاحب جائزة الشارقة للنقد وهو الذي بدت مساهماته و جهوده بينة في نجاحها و قد تم نشر المداخلات في كتاب بدعم من مندوبية الثقافة و الوزارة و هو كتاب مهم يثري المكتبة النقدية و البحثية المتصلة بالفنون التشكيلية كما كان لحضور الدكتورة فاتن شوبة حيز لتعميق النقاش بشأن قضايا متصلة بالفنون التشكيلية و الفن المعاصر و غير ذلك .. و في هذا الخصوص تقول الفنانة الدكتورة عواطف منصور "..ان تجمع معرضا فنيا وندوة علمية دولية وكتابا يجمع الأبحاث المشاركة في الندوة قد تبدو مقاربة صعبة، ولكن عندما يكون الشخص الذي يقوم بها قد تصبح هذه المقاربة حقيقية وتتحقق على أرض الواقع، هكذا هي مديرة دار الثقافة برجيش وبطبيعة الحال بدعم من وزارة الثقافة والمندوبية الجهوية للثقافة بالمهدية استطاعت ان تحقق هذه المقاربة وتجعلها ندوة علمية تجمع اعمالا فنية وندوة علمية وكتابا يوثق أبحاثها، وذلك لأنها جمعت بين مهنتها كإدارية واختصاصها كما جمعت اجيالا من الباحثين التونسيين في مجال الفنون التشكيلية على غرار الأستاذ والناقد محمد بن حمودة، صاحب الكتب والمقالات والبحوث في الثقافة والفن والجماليات وهو استاذ التعليم العالي بجامعة صفاقس ومدير المعهد العالي للفنون والحرف بصفاقس سابقا وصاحب جائزة الشارقة للنقد، ومحمد الرقيق، استاذ مساعد بجامعة صفاقس ورئيس قسم الفنون التشكيلية بالمعهد العالي للفنون والحرف بصفاقس، عواطف منصور، استاذ مساعد بجامعة منوبة، فنانة تشكيلة وعضوة تحكيم في عديد المجلات المحكمة الدولية، لها العديد من المقالات والبحوث العلمية المحكمة في الفنون والتراث، سلوى العايدي، أستاذة مساعدة بجامعة صفاقس، فنانة تشكيلة، صاحبة جائزة النقد في ايام الفن المعاصر بتونس، نجاة الذهبي، فنانة تشكيلية، مساعدة بجامعة تونس، محمد البعتي، استاذ مساعد بجامعة المنستير، فنان تشكيلي، رمزي التركي، استاذ مساعد بجامعة المنستير، فنان تشكيلي، باحث في الفنون التشكيلية، الفة معلا ، أستاذة مساعدة بجامعة صفاقس، فنانة تشكيلية، ومجموعة من الباحثين في الدكتورا ومجموعة هامة ومهمة من النقاد والاساتذة من دول عربية على غرار حمدي صادق أبو المعاطي نقيب التشكيليين بمصر، امل نصر، هبة الهواري، بنيونس عميروش، براهيم الحيسن، زهرة براهيم، مصطفى كمال الدين، سعاد الشويهدي..." و من ناحيته يقول الدكتور محمد بن حمودة "...هل استوعبت فاعلية الاقتباس الكفاءات الابداعية المعاصرة وأنهت بالتالي 'حاكمية الفن'؟عندما أرادت الدكتورة مهى سلطان أن تلخص الوضع في الشرق الأوسط قامت بطرح الاستفهام التالي: "هل الفن العاصر في الشرق الأوسط عامة يشكل من الآن فصاعدا القضية الكبرى في الفن؟" وفي إطار الدورة الثانية للسمبزيوم الدولي للفن المعاصر لحوض البحر المتوسط والشرق الأوسط الذي عقد من 25 مارس إلى 6 يونيو 2014 بتنظيم من الجمعية المغربية للفن، عرفت دار الفن المعاصر بأصيلة تنظيم ندوة فكرية ناقشت سؤال 'معنى أن نرسم اليوم؟'. وبعد قراءة الورقة العلمية بالعربية والفرنسية "تحدث الشاعر والناقد العراقي فاروق يوسف الذي يرى أن أي رسام حقيقي، سيقف أمام رامبرندت عاجزا، كما أمام سيزان الذي أوقف عصر الباروك، وتحدث عن مفهوم 'الفن العتيق' معتبرا أن بودلير أخطأ حين جعل 'الحداثة' و'الحديث' في موقع مناقض، ما يقودنا إلى ثنائيات أخرى من قبيل 'رسم' و'لا رسم' و'جيد' و'رديء' [...] كما أكد على أن شخصية الرسام في عصرنا الآني تتوزع بين 10 في المائة للفن و90 في المائة للتسويق، مشيرا إلى الفنان أندي وارهول كانطلاقة لهذا الداء." مفاد القول أن الابداعية المعاصرة قد أقصت نفسها بنفسها من دائرة الفن وذلك لأنها لم تلتزم ب'حاكمية الفن'. فعندما كان الفنانون ملتزمين بها كان الفن بخير، وعندما طرحوها جانبا، انحط الابداع. ويبلور فؤاد سليم تجليات هذه الحاكمية بإسهاب فيكتب قائلا: "فمحمد ناجي –حين رسم فن المنظر مستخدما كل تقنيات وأساليب الانطباعية كان –في نظر هؤلاء- مصريا أصيلا، وكذلك كان 'يوسف كامل' –في أعماله المتراوحة بين الواقعية مرة، والطبيعة مرة، والتعبيرية مرة، ومن مثل ذلك أيضا أحمد صبري –حين رسم لوحته الشهيرة 'الراهبة' وعبد العزيز درويش –حين رسم الطبيعة الصامتة مستخدما ذات المساقط الضوئية 'السيوانية' على التفاحات، والطماطم فوق موائد الطعام و'صبري راغب' –حين نقل نقلا يكاد يكون حكائيا صميم التجربة الانطباعية التي تلخص الخصوصية 'الرنوارية' في رسم الوجه الإنساني، و'عبد القادر رزق' –مستهديا بمنحوتات 'مايول' التأثيرية في العاريات، و'كامل مصطفى' –في محاولاته اللحاق بعالم 'بوسان' الكلاسيكي فوق بين 'كورو' مرة و'كوربيه' مرة أخر، وصدقي الجياخنجي." في المقابل تغير الوضع بشكل كامل عندما ظهرت –والكلام مرة لأخرى لفؤاد سليم- "حركات الشباب المتفجرة باستلهامات الجديد من الفن 'البيئي' وحتى الفن 'التصوري' ومن 'الحدث' حتى 'البورفورمانس'، ومن الطليعي إلى ما 'بعد الطليعي'، فهي كلها سحر شيطاني مدمر وضياع استيطاني للشخصية القومية في الفن المصري، وربما في الفن الشرقي بعامة." ألهذا الحد أصبح الفن المعاصر سيء السمعة عربيا؟ ولكن ما سبب سوء سمعة الفن المعاصر، خاصة وأن الفن التشكيلي نجح منذ مدة غير قصيرة في أن يحوز احتراماً واعترافاً يليقان به؟ إذا كان صحيحاً أن سوء السمعة دائم الصلة بخشية من ضرر يُتوقع صدوره عن جهة ما، فما هو الضرر الذي يمكن أن يكون ملازما لاعتماد مقولات ومنهج الفن المعاصر؟...".. ندوة مميزة و مباحث ثرية ساهمت في تبادل الخبرات و وجهات النظر النقدية بين مبدعين و أكادميين من الفضاء العربي و خاصة في وضع سياسي عربي هش و متداع في تحولات كونية مربكة..نعم يظل الفن سؤالا مفتوحا على الابداع و شواغل الفكر المتصل به و بشواسع عوالمه ..من هنا تبرز الأسئلة التي تطرح جانبا من العلاقة تجاه الفنون التشكيلية بما تقترحه من قضايا و اشكالات ومنها مسألة الاقتباس و خطوط التماس والتلاقي بين الأعمال الفنية و في هذا السياق و بعد فعاليات سابقة في المجال التشكيلي مثل السمبوزيوم الدولي للحفر و الندوات الدراسية عن الفنون التشكيلية جاءت الندوة التي اجمع الضيوف في حفل الاختتام على نجاحها ..هكذا كانت دار الثقافة و جمهور المهدية عموما و غيره مع أسئلة الفن و هوامشه و ضمن التعاطي الثقافي النوعي مع جانب من المسائل العميقة في الفن والابداع ..المهدية و من خلال الرجيش مجال للنقد و التلوين و الذهاب الى حيز متجدد..