قال الممثل هشام رستم إنه يعيش تطورا في تفكيره ومشاعره من خلال التركيز على كل ما هو روحاني، يحرص على نشر قيم الحب والسلام وأن هذه الوضعية جعلته يراجع عدة افكار ويدخل في فترة تأمل، طالت حتى تجربته التمثيلية واصفا المشهد الدرامي التونسي بالرداءة. الشروق – مكتب الساحل : وأكّد رستم في لقاء مع «الشروق» أنه يفضّل العمل مع شركات أجنبية و مع من يطوره ويقدم له الإضافة لا العكس معتبرا أن الدراما التلفزية التونسية أصبحت تستقطب ممثلين من الشارع بعيدا عن الأكاديميين ودون التركيز على البعد الثقافي في مضمونها. وقال إنّ تعدد القنوات التلفزية التونسية أضر بالدراما، لسيطرة البعد التجاري على غايات أصحابها، مبديا رأيه أيضا في عدة نقاط أخرى ضمن حوار جمعه ب «الشروق»هذه تفاصيله: هل دخولك في عالم ما تسميه «الروحانيات» جعلك تحرص على الظهور للجمهور بوجه مغاير للعادة؟ هو وجه هناك من يحب أن يراه وهناك العكس ولكن يبقى شيئا موجودا داخلي، فالإطار هو الذي يحدد وهناك مناسبات لا يمكن لي التحدث فيها عن الروحانيات. ما هو سبب هذا التغيير؟ ليس بتغيير بل يمكن القول إنه تطور، لأن الروحانيات هي جانب في داخلنا ولكن نسيناها فلنا طاقة كبيرة من المحبة ولكن نتجاهلها، فطاقة الكون كله بصدد التغيير وفي المقابل الحروب تتكاثر في العالم مما يجعلنا نستغرب ونتساءل عن هذا الانخرام الحاصل، إما أن يكون المشكل من الكون أو من الإنسان، ولا بد ممّن يحسس ويذكّر الآخرين بأن المحبة أفضل من الكراهية والأخوة أفضل من العنف ففي عالمنا اليوم نعيش صراعا بين الأضداد للأسف نحو السيئ فلا بد من الرجوع إلى القيم الإيجابية. كيف تقيّم المشهد السينمائي التونسي؟ صحيح ليس لنا صناعة سينمائية ولكن لنا أفلام منها الجيّد ومنها السيئ فهناك العديد من الشبان الموهوبين يقومون بأعمال تستحق المتابعة ويمكن أن يصبحوا في مستوى نوري بوزيد ومفيدة التلاتلي وعبد اللطيف بن عمار كبار السينما التونسية، ولهؤلاء الشبان أشياء ثمينة لم تكن متاحة لنا مثل حرية التعبير وتقلص كلفة الإنتاج السينمائي فكنا ننتظر كراء كاميرا من روما بمائة وخمسين ألف دينار لتصوير فيلم، واليوم أصبحوا بعلبة سجائر قادرين على تصوير فيلم طويل، أصبح النشاط سهلا بالنسبة اليهم ولكن هذا لا يعني استسهال العمل السينمائي إلى درجة تصوير فيلم عن طريق الهاتف الجوال، فالفن يبقى فنا والتعبير يبقى تعبيرا. تعدد القنوات التلفزية التونسية هل ساعد على تطوير الدراما التلفزية التونسية؟ أصبحت هناك منافسة اقتصادية أضرت بالدراما التونسية، لم يرتفع عدد المستشهرين الشيء الكثير والذين أشبّههم بخبزة المرطبات ولكن الذين يتقاسمون هذه الخبزة هم الذين ارتفع عددهم، في السابق كانوا يشتغلون في أريحية اليوم أصبح كل شخص منهم يتخاصم مع الآخر حول منابه، طرف ينتج «أولاد مفيدة» الآخر يرد عليه بمسلسل «شورب»... فلو كان هناك فعلا من يحرص على ما هو فائدة للبلاد وما هو ثقافي لماذا هناك ضعف في نسب المشاهدة لمسلسل مثل «تاج الحاضرة»؟، ولكن للأسف فضلوا مسلسل «شورب» فالناس لا يريدون أن يتثقفوا، لمثل هذه الأسباب لم يعد يهمني المشهد الدرامي النلفزي، إما أن المبدع لم يتوصل إلى تبليغ رسالته كما يجب وإلا هناك من هم بصدد هدم ما نبنيه، وهذا كله راجع إلى أن غاية تعدد القنوات التلفزية التونسية ليست موجهة لغرض تشجيع الكنز الثقافي وتثقيف عقول الناس بل من أجل غاية مالية بحتة. يعني أننا سوف لن نراك في أي مسلسل رمضاني هذه السنة؟ نعم لن تروني. هل هناك اقتراحات رفضتها أم أنك اتخذت موقفا بعدم الظهور؟ نعم اتخذت موقفا وابتعدت عن الميدان. ابتعاد ظرفي أم نهائي؟ هي رغبة مني في الابتعاد قصد التأمل، ولا يعني ذلك أني في فترة بطالة بالعكس فلي أفلام خارج تونس، في المغرب وفرنسا أشتغل مع شركات إنتاج أجنبية لأنها هي التي تجعلني أتطور لا يمكن لي أن أتطور بالرداءة، أحرص على الظهور أمام ممثلين كبار حتى أحتك بهم وأطور من عملي وهذا غير ممكن في الأعمال التونسية إضافة إلى أن هناك العديد من الدخلاء على الميدان منهم من لا يعرف حتى قراءة نص... ينقصهم التكوين، فهم يستقطبون الممثلين من الشارع وخريجو مدارس ومعاهد المسرح مغيبون. هل ندمت على أعمال قمت بها؟ لا لم أندم ولكن أحرص على تطوير نفسي أمام كبار الممثلين والمخرجين. لماذا ابتعدت أيضا عن المسرح ؟ سأرجع عن قريب إن شاء الله ولكن يجب توفّر بعض الإمكانيات لا غير فليس لنا مسارح غير ثلاثة فقط في سوسةوتونس ومسرح صفاقس مغلق، وأنا تكونت في مدرسة مسرح كلاسيكي وليس مسرح سرك وتهريج أو «وان مان شو»، المسرحية الحقيقية هي التي تعرض على امتداد ثلاثة وأربعة أشهر والجمهور يأتي ليتفرج ولست مع نوعية حوكي وحرايري. أنت بصدد التحضير لدورة أخرى لمهرجان الروحانيات في شهر سبتمبر القادم بسوسة في ظل صراع حول ملكية هذا المهرجان، ألم يجعلك ذلك تفكر في تغيير اسم المهرجان أو في صبغته؟ نحن الذين أسسنا هذا المهرجان سنة 2016 والبقية يقلدون لا غير، أين الزرقوني سنة 2016 في نفطة؟ فقد طلبت منه دعم المهرجان فأعطاني ألفي دينار «قتلو خليهم عندك تتمسخر عليا؟»...