تغرق المواد الغذائية الفاسدة الأسواق التونسية في رمضان. كما ترتفع مظاهر الغش والتحايل على المواطن بنسبة 20بالمائة مقارنة بباقي أشهر السنة. ويستغل التجار في ذلك "لهفة" المواطن وإقباله على الاستهلاك دون الاهتمام بجودة المنتوج. تونس (الشروق): تتنوع طرق الغش التي يعتمدها الكثير من الباعة في مفارقة واضحة مع ما يتطلبه الشهر الكريم من امانة وحسن أخلاق وفضيلة. وقد "يتفنن" التجار في أشكال التحيل والبحث عن الربح غير المشروع. ويصل الامر الى حد بيع المواد الاستهلاكية الفاسدة كما ترتفع المخالفات الصحية في هذا الشهر مقارنة ببقية أشهر السنة. تلاعب بالميزان تتعدد اشكال الغش منها التلاعب بالميزان لدى شراء الخضر والغلال وهي من المخالفات الأكثر رواجا التي يشتكي منها المستهلك ذلك ان الكثير من الباعة يستعملون الميزان الإلكتروني. وهو ميزان غير مطابق للمواصفات. كما يعمد بعض الباعة في هذا الشهر الفضيل أيضا الى خلط الخضر التالفة مع السليمة وبيعها بأسعار مرتفعة. ويعمد البعض أيضا الى بيع لحوم فاسدة ومنتهية الصلوحية. ويتبع الغشاشون كل الطرق بحثا عن الربح السريع لاسيما في رمضان. حيث تكثر شكايات المستهلك من الممارسات غير النزيهة من بينها عدم إشهار الأسعار وخلط السلع الجيدة والاقل جودة وذلك من خلال وضع أفضل الخضر والغلال في الواجهة والفاسدة أسفل الصندوق وان حاول الحريف الاحتجاج فإن البائع يلتجئ الى الأكاذيب والادعاء بأن كل البضاعة متشابهة. ومن جهة أخرى كثيرا ما يواجه المستهلك في شهر رمضان أيضا نقصا واضحا في حفظ المواد الغذائية ضمن سلسلة التبريد خاصة في منتوجات حساسة على غرار الأسماك واللحوم التي تتسبب في مشاكل صحية وتسممات خطيرة. وقد تتعدّد التجاوزات رغم أن وزارة الصحة تحرص على تنظيم زيارات مراقبة صحية مكثفة انطلقت منذ 10 افريل الماضي. وتتواصل طيلة شهر رمضان للتحقق من جودة الغذاء ومن توفّر شروط سلامتها حفاظا على صحة المستهلك. وتستهدف هذه العمليات بالخصوص مصانع الحليب والمصبرات والمياه ونقاط بيع اللحوم والدواجن والمطاعم والمقاهي والمخابز. ويشار الى ان الحلويات تعدّ من المواد التي يكثر الغش فيها في رمضان اذ يرتفع اقبال المستهلك عليها في السهرات الرمضانية لكن سعر الفواكه الجافة جعلها عرضة لإشكال الغش في مكوناتها حيث كثيرا ما يتم استبدال الفواكه الجافة بمكونات أخرى غير مطابقة للمواصفات او يتم استخدام مواد فاسدة في اعدادها. تحويل نشاط والملاحظ انه خلال شهر رمضان كثيرا ما تغير عديد المحلات في تونس مجال نشاطها فتنتقل بقدرة قادر إلى اختصاصات في صنع وبيع بعض المواد الغذائية التي تلقى رواجاً خلال شهر الصيام على غرار بيع الحلويات والمرطبات التقليدية منها "الزلابية" و"المخارق" و"المقروض" و"وذنين القاضي" وهي أصناف يكثر الإقبال عليها في السهرات الرمضانية لكن عمل غير المختصين في أنشطة موسمية بلا رخصة ولا دراية يجعل بضائعهم في الغالب مغشوشة وتفتقد الى الجودة ذلك انهم لا يحترمون ابسط قواعد حفظ الصحة كما ان هؤلاء الدخلاء الذين يظهرون في رمضان لا يتقيدون بسلامة المنتوجات ويعمدون الى غش المواطنين وبيع مواد فاسدة ومجهولة المصدر اذ يتم صنعها في الغالب في فضاءات عشوائية وغير مهيئة. ومن المؤسف ان يقبل المستهلك على شراء الحلويات والريقوتة والاجبان من شاحنات وعربات تنتصب قبل المغرب قرب المساجد ومحطات الحافلات والميترو وفي أوقات الذروة تترصد فرائسها من الحرفاء غير الواعين بمخاطر سلوكهم على الصحة. واذا علمنا ان المحلات المراقبة تسجل مخالفات عديدة فكيف يمكن ان يثق المستهلك في المحلات العشوائية علما وانه في مجال الخبز مثلا والذي يعد من بين اكثر المواد الغذائية التي يقبل على شرائها المستهلك في رمضان تبين من خلال دراسات حديثة أعدتها وزارة الصحة لشهر رمضان ومسح ميداني شمل نحو 3100 مخبزة بهدف رصد مدى احترامها لشروط حفظ الصحّة وقد أظهرت نتائج التحاليل ان 56بالمائة من المخابز فقط مطابقة لمواصفات شروط حفظ الصحة اما من حيث تضمن الخبز للشّوائب فقد بيّنت التحاليل ان 58بالمائة من المخابز اثبتت عدم مطابقتها للمواصفات في مجال الشّوائب البيولوجية اذ ضمت منتوجاتها حشرات وفطريات.. وهو ما يدعو المواطن الى مزيد التحري في سلوكه الاستهلاكي والمنظمات الوطنية الى مزيد تكثيف حملات التحسيس والتثقيف وترشيد المواطن خلال هذا الشهر الكريم. محمد الرابحي مدير إدارة حفظ الصحة وحماية المحيط بعض الاحياء الشعبية أصبحت حاضنة للغشاشين أوصى مدير إدارة حفظ الصحة وسلامة المحيط محمد الرابحي المستهلك بضرورة التحري في المواد الغذائية المعروضة وحذّر من وجود غش يطال عديد القطاعات. وهو ما استوجب برمجة حملات مراقبة صحية استثنائية انطلقت منذ 10افريل الماضي وتتواصل طيلة شهر رمضان وتشمل في النهار المقاهي الليلية والمطاعم. واعتبر انه على المستهلك تجنب المسالك الموازية والمحلات الموسمية وسائر التجار الذين يبيعون السلع الفاسدة بسبب عدم احترام سلسلة التبريد والخزن والعرض ففي هذه المسالك يتم توزيع المواد الغذائية بصفة عشوائية وهو ما من شانه ان يمس من سلامتها وهو ما يجعل نسبة الغش ترتفع في الشهر الكريم ب20بالمائة مقارنة ببقية اشهر السنة واغلب المخالفات التي يتم رصدها صحية لان المواطن يكثر من اللهفة في هذا الشهر مما يجعل الانتصاب الفوضوي ينتشر ويطال الانفلات جل القطاعات كما ان المواطن لا يملك من الوعي ما يجعله يقاطع هذه المسالك الفوضوية بل ان بعض الاحياء الشعبية أصبحت حاضنة للغشاشين ويتعمد المتساكنون التستر عليهم وحمايتهم من المراقبة الصحية بدعوى ان اسعارهم معقولة في تجاهل واضح للمخاطر التي تمثلها سلعهم الفاسدة على صحة المستهلك. وفي خصوص القطاعات الاكثر عرضة للمخاطر ذكر الدكتور رابحي انها بالخصوص تتجسد في قطاع الأسماك واللبن والموالح والخبز والباعة المنتصبين في الشارع. ودعا الجمعيات التي تعنى بالمستهلك الى مزيد تحسيس المواطن وتثقيفه في هذا المجال. اما في خصوص المراقبة الصحية فتعمل على مقاومة مختلف اشكال الغش التي تنتشر في رمضان وهو ما استوجب تكثيف حملات المعاينة ورفع المخالفات. وقد تم 200فريق محلي وجهوي ومركزي بكامل البلاد وطيلة فترات اليوم وذلك بالخصوص في أوقات ذروة الاستهلاك لدى خروج الموظفين من مقرات عملهم وفي الأوقات المسائية قبل اذان المغرب وهي أوقات يكثر فيها بيع المواد الفاسدة كما تتنوع فيها طرق الغش وفي الليل اذ يتحول اتجاه المستهلك الى المقاهي والمطاعم والمخابز ومختلف محلات صنع المرطبات ولعب الأطفال...وتتنوع المخالفات التي يرتكبها التجار فمنها التي تهم الأسعار وأخرى تتعلق بشفافية المعاملات و الميزان إضافة إلى التلاعب بالمواد المدعمة وممارسات أخرى وقد تم منذ 10افريل الماضي القيام ب10الاف زيارة مراقبة صحية وذلك الى حدود يوم امس وقد انبثق عنها تحرير 800مخالفة صحية واقتراح غلق 50محلا وحجز 25طن من المواد الغذائية غير المطابقة للمواصفات وتم رفع 1300عينة من المواد الغذائية للوقوف على مطابقتها للمواصفات. وعبر الدكتور الرابحي عن توقعاته بتراجع التجاوزات في الأشهر القادمة بفضل سن قانون السلامة الصحية للأغذية الذي تم بفضله إحداث هيئة وطنية تحت اشراف وزارة الصحة من شانها ان تجمع هياكل المراقبة وينتظر ان يلمس المواطن نجاعة هذا الهيكل في 2020 لدى تفعيل عمل الهيئة كليا وتخصيص ميزانية لنشاطها وقد رفّع القانون الجديد من عقوبة الغش من 10الى 50الف دينار بشكل يمكن ان يساهم في ردع المخالفين.