كان الفلسطيني هشام حسن خليفة بصدد حزم حقائبه إلى الصين قبل أن يعلم ان علاج ابنه صالح دي العام ونصف موجود في تونس التي تمتلك واحدا من مركزين اثنين لعلاج سرطان العين في افريقيا. تونس الشروق: هشام المقيم في ليبيا لم يكن يجول بخلده كأغلب مرتادي هذا المركز أنه يواجه مرضا اسمه سرطان العين قبل أن يلحظ بياضا فاقعا في حدقة إحدى عيني ابنه صالح لتبدأ سلسلة من الكشوفات في ليبيا ثم في تونس انتهت بتوجيهه إلى مركز علاج سرطان العين الواقع في أعماق الطابق الأرضي لمعهد الهادي الرايس لطب العيون على هضبة الرابطة. تدخل مكثف بالليزر ولد هذا المركز الطبي الذي يعتبر إحدى مفاخر تونس إثر لقاء بين الأستاذ «الهادي بوقيلة» والرئيس المدير العام للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي بداية تسعينات القرن الماضي والذي اقتنع بعد عملية حسابية بجدوى دفع نصف مليون دينار لبناء هذا المركز باعتباره يمثل أضعاف كلفة إرسال ما بين خمسة وعشرة سنويا في ذلك الوقت للعلاج في المستشفيات الأوروبية وتبعا لهذا اللقاء تمكن الأستاذ الهادي بوقيلة من فتح هذا المركز المتخصص في علاج سرطان العين عام 1994معلنا عن نهاية حقبة سوداء كان خلالها الموت قدر الأغلبية الساحقة من الأطفال الذين يصابون بهذا المرض الذي يضرب عادة قبل بلوغ سن أربعة أعوام. وهذا المرض هو عالم في حد ذاته حيث يصفه الأطباء ب«المرض اليتيم» بوصفه المرض السرطاني الوراثي الوحيد في العالم وعادة ما يعتمد علاجه على التدخل المكثف بالكيميائي وأشعة الليزر. وبعد مسيرة نصف قرن يبدو هذا المركز كالحجارة المتراصة التي كان أهمها تمكين سلك أطباء الأطفال وأطباء العيون من تكوين مستمر أهلهم لكشف هذا المرض بصفة مبكرة وتوجيه المصابين به إلى مركز علاج سرطان العيون. 87 ٪ نسبة النجاح وهذا المكسب وصفه الأستاذ الهادي بوقيلة ببالغ الأهمية مشددا على أن الاكتشاف المبكر يجعل نسبة نجاح العلاج ترتفع إلى نحو 87 ٪ وملاحظا أن المركز حقق تحولا نوعيا في التعاطي مع هذا المرض بعد أن كانت أغلب الحالات المرضية مآلها الوفاة في سبعينات وثمانينات القرن الماضي. وتابع أن المركز يتابع علاج نحو 350 حالة ويتلقى سنويا قرابة 20 حالة جديدة من تونس وعددا مماثلا من الخارج وأساسا الجزائر وليبيا وموريتانيا وإفريقيا جنوب الصحراء ملاحظا أن المركز مكن مئات الأطفال من مواصلة حياتهم بشكل عادي منهم فتاة تونسية تتابع اليوم دراسة الماجستير في اختصاص السياسة الصحية في بريطانيا وشاب عمره 17 عاما تمكن المركز من انقاذ عينيه الاثنتين. الطفلة سجود كان الأستاذ الهادي بوقيلة يتحدث عن خصوصيات هذا المرض بعد إجراء تدخل بأشعة الليزر على العين اليمنى للطفلة «سجود» ذات الثلاث سنوات والنصف والقادمة من منطقة قصيبة المديوني من ولاية المنستير. والدها.. جدي.. أكد أنه لم يكن يعلم بوجود مرض اسمه سرطان العين قبل أن يلحظ وزوجته بياضا ناصعا في حدقة احدى عيني «سجود» لتخضع بعدها إلى سلسلة من الكشوفات في المنستير قبل أن يتم توجيهها إلى هذا المركز مؤكدا أنه رغم فقدان ابنته لاحدى عينيها فإنه استعاد الأمل في أنها ستواصل حياتها بشكل عادي. ومن جانبه قال وسام قرفة أنه لم يكن يعلم بوجود هذا المرض أصلا قبل أن يوجه الأطباء ابنته «رمسه» إلى مركز علاج الأمراض السرطانية الذي تمكن من علاج احدى عينيها علاجا كاملا باعتماد أشعة الليزر. مفخرة تونسية بالنتيجة يتموقع مركز علاج الأمراض السرطانية الذي يشهد حاليا عملية توسعة كبارقة أمل أمام كثير من العائلات التونسية التي تصطدم فجأة بحقيقة صادمة عندما تعلم ان ابنتها مصابة بسرطان في العين اثر ملاحظة مجرد حول أو بياض فاقع في حدقة العين. ومن هذه الزواية نبهت الدكتورة ليلى الشابي الأستاذة الاستشفائية المبرزة إلى أن حظوظ العلاج تظل مرتبطة بتوقيت الكشف عن المرض وهو ما يلقي على الأولياء ومسؤولية جسيمة مشيرة إلى أنه كلما حصل الكشف عن المرض مبكرا كلما ارتفعت نسبة نجاح العلاج.