يبقى مهرجان المدينة فضاء استثنائيا لاكتشاف وتقديم عديد الأسماء الفنية التي اختارت اللون الطربي بدرجة أولى لكتابة مسيرة فنية متفردة. وبالعودة الى مختلف دورات هذا المهرجان الاصيل نتوقف عند مجموعة من الأسماء الفنية التي «صنعها» هذا المهرجان. هي أسماء انطلقت من رحاب مهرجان المدينة انطلقت محلقة في الأفق الرحب مغردة بأحلى وأشجى الالحان وهذا البعض منها نبيهة كراولي «القنطرة» التي عبدت الطريق كانت سنة 1989 شاهدة على صعودها أول مرة على ركح دار الأصرم ضمن فعاليات مهرجان المدينة... هي الفنانة نبيهة كراولي التي قدمت في تلك السهرة عرض "القنطرة".. مع سمير الشيشتي، عرض نفضت فيه الغبارعن انتاجات غنائية تراثية نادرة في تلك الفترة. لتكون بذلك «القنطرة» الطريق القويم لنبيهة كراولي نحو تأسيس وتأثيث مسار فني متنوع جعل منها واحدة من أبرز الأصوات في المدونة الغنائية التونسية. ولاننسى في المجال تجربتها الفنية المتفردة مع الشاعر حسن المحنوش والفنان الملحن سليم دمق من خلال شريط من أبرز اغانيه " طريق السلامة " نورة أمين: تلميذة زكرياء أحمد أوائل تسعينات القرن الماضي امتطت نورة أمين مغامرة الغناء الطربي بالنادي الثقافي الطاهر الحداد، سلاحها في ذلك صوت أنيق ممتع وأداء سليم حرفي وثقافة موسيقية أساسها مدرسة الشيخ زكرياء أحمد في التعاطي مع الأنغام والألحان العربية. كسبت نورة أمين الرهان لتكون لها محطات هامة في ليالي رمضان ومهرجان المدينة، فهذه التلميذة النجيبة في مدرسة زكرياء أحمد كسبت رهان كتابة مسيرة غنائية طربية أصيلة مع انفتاح مدروس على مشارب موسيقية أخرى جعلت منها صوتا منفردا يجمع بين الاقناع والامتاع. نورالدين بن عائشة وخوالد الطرب العربي بكل هدوء صاغ نورالدين بن عائشة مسيرته الغنائية بالعودة الى خوالد الطرب العربي وهو الذي وجد في مهرجان المدينة الفضاء المناسب الأرقى والأجمل لتقديم أوراق اعتماده كصوت غنائي عاشق للطرب الأصيل مدافعا عنه ومكرّسا له. في كل مشاركاته في مهرجان المدينة يكشف نورالدين بن عائشة عن النادر من الأغاني الطربية الخالدة لأسماء في قيمة محمد عبد المطلب وعباس البليدي وابراهيم حمودة وصالح عبد الحي وغيره كثير الى جانب أسماء تونسية في قيمة محمد الجموسي والهادي القلال والهادي الجويني نورالدين بن عائشة مازال محافظا ومدعما ومكرّسا لهذا التوجه الفني المتفرد وقد ترجم ذلك في عديد الأغاني الخاصة به ومنها رائعته «لومي عليّ» التي كتبها الشاعر الدكتور علي الورتاني. الزين الحداد والطرب التونسي أسس لنفسه نهجا فنيا متفردا قوامه المالوف التونسي والإنتاج الغنائي التونسي الأصيل الخاص به ... هو الفنان الزين الحداد الذي يعد أحد أبرز تلاميذ الرشيدية، المدرسة الفنية التونسية الاصيلة التي نهل منها وسار على دربها في كل اعماله الغنائية.. ولا غرابة ان يكون هذا الصوت الطربي التونسي الأصيل من " خريجي " مهرجان المدينة – ان صح التعبير- اعتبارا لحضوره المتوهج في اغلب دوراته من ذلك دورة هذا العام ... الزين الحداد لم يهزه " التجديد" في الموسيقى الحالية والتي اصبح يطغى عليها الإيقاع الصاخب , بل ظل محافظا على نهجه الذي نحته من ذاته ..نهج الوفاء للهوية التونسية مضامين وموسيقى وانتاجا ...نهج جعل منه صوت الاصالة التونسية . ليلى حجيج ومدرسة علي السريتي لم يكن اعتباطيا اختيار الصوت الطربي ليلى حجيج لافتتاح دورة هذا العام لمهرجان المدينة. فعلاقة هذا الصوت بالمهرجان متينة ووطيدة وثابتة فهي اي «ليلى حجيج» كان الى جانبها في مختلف سهراتها الفنية ضمن مهرجان المدينة العازف والاستاذ علي السريتي الذي التحق بالرفيق الأعلى بعد ان أهدى الموسيقى التونسية صوتا في حجم وقيمة ليلى حجيج مازال يصدح باللون الطربي. عباس المقدم والنهل من مدرسة عبد الوهاب عشقه للمطرب الكبير محمد عبد الوهاب دفعه الى تأسيس جمعية أحباء محمد عبد الوهاب التي أسست ل«مجالس الطرب» آخر سبت من كل شهر بالنادي الثقافي الطاهر الحداد وهو المطرب عباس المقدم الذي اختار السير على نهج محمد عبد الوهاب أداءً وانتاجا وكسب الرهان بعد ان وجد في مهرجان المدينة كل رمضان فضاء لاحتضان وتقديم ابداعه الخاص المستمدة أصوله من مدرسة محمد عبد الوهاب. عباس المقدم الذي يحفظ ويردد ما يفوق ال 500 أغنية لمحمد عبد الوهاب مازال يسير بخطى ثابتة على هذا النهج الطربي المتفرد في عصر طغت فيه الموسيقى الصاخبة.