هل نقدر معا ان ننهض بوطننا؟ هل بإمكاننا نحن جميعا ان نغير وضعنا المتردي؟ السؤال الأول ارقني والثاني أرهقني. ما يعانيه شعبنا من بطالة وغلاء معيشة وتهميش ورداءة في المنظومات الصحية والاجتماعية والتعليمة والبيئية امر واقع لا يمكننا انكاره او اهماله، منوالنا التنموي رديء ومتخلف هذا لا شك فيه، هاته الأمور نعرفها الكل ولكن هل نعرف الحل او تحدثنا عن الحل، لا كل ما قمنا به كشعب منذ الثورة هو نقد الحكومات المتتالية وكل ما فعلته الحكومات لإصلاح الوضع هو رمي فشلها على ما سبقها. وبقي الحال على ما هو عليه شعب يعاني الغلاء والتهميش والبطالة وحكومة تتنصل من مسؤوليتها نتفق جميعا ان احوالنا ساءت في السنين الأخيرة الى حد صرنا نخاف انهيارا اجتماعيا، ان ثمن الفوضى والفقر والتهميش لا يدفعه فقراء الوطن لوحدهم بل الأغنياء ومتوسطي الدخل ايضا، لان ثورة الفقراء ان وقعت سيدفع ثمنها الأغنياء لأنه لا يمكنك اجتناب العنف في وطن ثار فيه الجائعون. لقد اجمع الكل ان النهوض بالوطن يمر حتما بالإصلاح لكن كل له وجهته في الإصلاح هناك من يرى ان الإصلاح يجب ان يبدا من الشعب ويصعد تلقائيا الى راس الحكم وهناك من له نظرة أخرى ان الإصلاح يبدا من راس الحكم، لكل رايه ونحن نحترم كل الآراء ولكن لا ننسى ان كل محاولة للإصلاح وطننا نحو الافضل ستكون على حساب الفساد، الذي سيجابهها حتما بالحصار والتنكيل. وسواء كانت الفكرة الاولى أو الثانية مقنعة، فإن التغيير المنشود ليس تغيير أسماء أو استبدال وجوه بل تغيير أفكار في المقام الأول. فالحياة بدأت بالكلمة، والتغيير يبدأ بالفكرة، والخطوة الأولى تبدأ بمراجعة أفكارنا المسبقة نحو الحاكم. نحن مسؤولون جميعا عن تردى أحوالنا، علينا ان نتحمل المسؤولية ونكفّ عن إلقاء اللوم كله على الحاكم، فهذه عقدة نفسية ورثناها كي نغسل أيدينا ونُبرئ أنفسنا، فبقدر تخاذلنا يستأسدون علينا. قال كارل ماركس: «الفقر لا يصنع ثورة. إنما وعي الفقير هو الذي يصنع الثورة، والطاغية مهمته أن يجعلك فقيراً، وشيخ الطاغية مهمته أن يجعل وعيك غائباً». لقد صدق ماركس فقد تبين بالدليل القاطع ان ثورات العرب كلها فشلت لان الفقر لا يمكنه ان يصنع ثورة بل وعي الفقير هو الذي يصنعها، وقد استطاع من خطط لهاته الثورات ان يغيب وعي الامة "بداعش" وكانت النتيجة ثورة غيبت وعي الامة وزادتها فقرا على فقرا وارى انه اذ عاد وعي الفقير سيصنع حينها ثورته الحقيقية. ان الفقير هو مواطن هو وطني رغم صعوبة الحياة فهو يقدم روحه لوطنه دون ان يسأ ل لما؟ انها الوطنية الحقيقية ان تعطي ولا تسأل ما المقابل وتذكرني كلمة وطنية بمقولة للرئيس الأميركي الراحل جون كينيدي: "لا تسأل ماذا قدم لك وطنك... وإنما اسأل ماذا قدمت انت لوطنك". ربما تعتبر هذه العبارة من أوضح التعريفات ل «الوطنية الحقيقية. ان الشعب الذي يتواكل على الدولة وينسى أو يتناسى ابسط واجباته واقلها المحافظة على الملك العام هو مجتمع اتكالي ويعرّف "المجتمع الاتكالي" بحسب رئيسة الوزراء البريطانية السابقة "مارغريت تاتشر" الملقبة بالمرأة الحديدية على أنه "المجتمع الذي يتطلع إلى حقوق المواطنة من دون مسؤولياتها".