يشرح الشيخ محمد المختار السلامي المعنى الإجمالي للآيتين السابق ذكرهما بقوله إن المصممين على الكفر يستوي تحذيرك لهم وعدم تحذيرك فهم لا ينفذ نور الوحي إلى عقولهم ، عليها قفل محكم لا يزول. وكذلك أسماعهم لا يصل إليها صوت الوحي، وحجبت أبصارهم حجب غليظة فهم لا يبصرون ما في الكون من دلائل على الحقيقة، وحكم عليهم تبعا لذلك بأنهم سيعذبون عذابا عظيما . أما بيان المعنى العام ل«إن الذين كفروا سواء .... ولهم عذاب عظيم». النمط الثاني هم الكافرون الذين صمموا على رفض ما تدعوهم إليه وما تحذرهم منه ، بلغ رفضهم وعنادهم أن منعوا عقولهم من التفكر فيما تتلوه عليهم وما تحذرهم منه ، فسواء وعظك وعدم وعظك ، لا ينفذ لعقولهم المقفلة أي شعاع من نور الوحي .وأصموا آذانهم وأقفلوا أسماعهم فلا تصل إليها كلمات الوحي ، وغطوا أبصارهم فهم لا يتأملون في آيات الله في الكون الدالة على كمال علمه وقدرته . والله قد رزقهم عقولا يتأملون بها وينفذون بها إلى الحقيقة فيدركونها حسب ما تقتضيه قوانين التفكير، ويستعينون بحواسهم من سمع وبصر ليكون ما تدركه الأسماع والأبصار هاديا ودليلا للعقل على المعرفة البعيدة عن الخطأ .فإقفال عقولهم عن التأمل وعدم انتفاعهم بأسماعهم فيما خلقت من أجله، وعنادهم بإلتزام الرفض، هو الذي منعهم من الإيمان ومن الانتفاع بما أودعه الله في كونه من آيات بينات .وقد صرحت الآية الخامسة من سورة فصلت بذلك قال تعالى « وقالوا قلوبنا في أكنة ممٌا تدعونا إليه وفي آذاننا وقر ومن بيننا وبينك حجاب». كفروا بإرادتهم ، رفضوا التفكير فيما جاءهم به عن الله بإرادتهم، وأنصرفوا عن سماع الوحي بإرادتهم، ولم يعملوا أبصارهم فأغمضوا أعينهم عن مشاهد الخلق والحكمة في كل جزء من أجزاء الكون بإرادتهم. فهم مسؤولون عن ذلك جزاؤهم عذاب عظيم. وما أشد هول هذا العذاب الذي وصفه ذو الجلال بالعظمة (عذاب عظيم) فهو فوق ما يتصوره البشر أعاذنا الله من الْخِزْي والعذاب .