زواج الإمام علي رضي اللّه عنه بالسيدة فاطمة الزهراء لم يكن حدثا عاديا في حياة هذا الصحابي الجليل، بل ونكاد نقول في تاريخ الدولة الاسلامية. فهذا الزواج سيثمر أبناء سيكونون محور أحداث جسام مازالت أصداؤها تتردّد حتى الآن في طول العالم الاسلامي وعرضه... وكيف يكون هذا الزواج عاديا والعريس ابن عمّ رسول اللّه ﷺ وحافظ أسراره ورفيقه في نشر الرسالة والعروسة هي ابنة الرسول ﷺ. فرح الرسول ﷺ بتقدم ابن عمّه علي لطلب يد فاطمة وهو الذي رفض قبل ذلك سادة وأشراف مكّة والمدينة. فرح أكّده نزول جبريل عليه السّلام ليبارك هذا الرباط المقدّس وليخبره برضا المولى عنه. وعقد العزم على إخبار صحابته بالحدث السعيد. أمر بجمعهم وزفّ لهم الخبر بقوله: «إن اللّه تعالى أمرني أن أزوّج فاطمة بنت خديجة من علي بن أبي طالب». في الجزء الآخر من المشهد كان العريس يأخذ الدرع التي أهداها له الرسول ﷺ ليبيعها ويوفر مهر عروسه. انطلق الى السوق واستقرّ الأمر على بيعه الى سيّدنا عثمان بن عفان رضي اللّه عنه بأربعمائة درهم، لكن موقفا نبيلا سوف يصدر من سيّدنا عثمان مازال يذكر بإجلال لحدّ الآن. فبعد أن دفع المال الى علي وأخذ الدرع بادره قائلا: «ألست أولى بالدرع منك وأنت أولى بالدراهم منّي» قال الإمام: «نعم». قال له سيّدنا عثمان: «فإن هذا الدرع هدية منّي إليك». أسرع علي إلى رسول اللّه ليخبره بما كان من أمر سيّدنا عثمان وليضع الدراهم بين يديه (بعض الروايات تقول إنها 500 درهم) فأمر الرسول ﷺ أن يجعل ثلثها في الطيب وثلثها في الثياب وقبض قبضة كانت ثلاثة وستين درهما لمتاع البيت ودفع الباقي الى أمّ سلمة وقال «ابقيه عندك». وانطلقت الاستعدادات للحدث السعيد. ويوم وليمة العرس طلب الرسول ﷺ من العريس أن يصنع لأهله طعاما فاضلا وقال له: «من عندنا اللّحم والخبز وعليك التمر والسمن». ثم قال له: «ادع من أحببت». صعد علي على ربوة قرب المسجد ونادى: «أجيبوا إلى وليمة فاطمة» فأقبل النّاس أفواجا أفواجا فارتبك علي من كثرة النّاس وقلّة الطعام... توجّس قرأه الرسول ﷺ في نفس علي فبادره بالقول: «يا علي سأدعو اللّه بالبركة»... ويقول الإمام: «أكل القوم عن آخرهم طعامي وشربوا شرابي ودعوا لي بالبركة وصدروا وهم أكثر من أربعة آلاف رجل ولم ينقص من الطعام شيء». بعد ذلك أخذ الرسول ﷺ بيد فاطمة فوضعها في يد علي وقال: «بارك اللّه لك في ابنة رسول اللّه» وأردف: «يا علي نعم الزوج زوجك» وأضاف: «يا فاطمة نعم البعل بعلك»... ثم قال: «اذهبا الى بيتكما، جمع اللّه بينكما وأصلح بالكما». وبذلك ينزل الستار على زواج الإمام علي من السيدة فاطمة وتبدأ صفحة جديدة من الرخاء والبنين بين الزوجين.