مازالت مسألة اقدام إدارة فايسبوك على حجب مواقع إسرائيلية متخصصة في مهاجمة المسارات الانتخابية في 6 دول افريقية وفي طليعتها تونس تثير المزيد من الجدل ومن الأسئلة. وإذا علمنا أن تونس كانت في طليعة الدول المستهدفة فإن ذلك يحيلنا إلى الأسئلة الجوهرية لماذا استهداف المسار الانتخابي في تونس بالذات؟ ولماذا يسعى الصهاينة إلى بث الارباك والفوضى للتشويش على الاستحقاق الانتخابي الذي تستعد له البلاد وقد أصبح على بعد أشهر معدودات؟ ولماذا في سياق هذا الاستهداف التركيز على رئيس الحكومة السيد يوسف الشاهد في محاولة لضرب مصداقيته وطموحه وبالتالي ضرب حظوظه في الانتخابات القادمة؟ أسئلة كثيرة وحارقة ويمكن لملمة عناصر إجابات شافية وضافية لها من خلال عدة مفاتيح. من هذه المفاتيح أو لنقل عناصر الاجابة تجسدها طبيعة الجهة الحاضنة لهذه المواقع والصفحات وهي الكيان الصهيوني الذي له أكثر من سبب لاستهداف الاستحقاق الانتخابي في تونس كتتويج لمسار الانتقال الديمقراطي. وذلك عكس ما تبدو عليه الصورة للوهلة الأولى من حيث عدم وجود علاقة مباشرة بين الانتخابات في بلادنا ودوائر صهيونية وكذلك من حيث غياب أي تضرر بيّن لمصالح الكيان الصهيوني أو هذه الدوائر من نجاح الانتخابات التونسية ونجاح الانتقال الديمقراطي في بلادنا بشكل عام. ذلك ان الكيان الصهيوني قام ويستمر في الاعتماد على الاسطوانة التي برعَ ساسة اسرائيل والاعلام الصهيوني في ترويجها داخل أمريكا وأوروبا بالخصوص ومفادها أن اسرائيل هي الدولة الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط وبأن إسرائيل تعدّ واحة للديمقراطية وسط غابة من الدكتاتورية والاستبداد وانها هي الوحيدة التي تضمن التداول السلمي على السلطة وتحتكم فيها السياسة إلى صناديق الاقتراع. وهذه الصورة التي نجح الصهاينة في تسويقها حتى الآن هي التي ضمنت وتضمن لهم اغداق أمريكا والغرب عليهم المساعدات المختلفة بسخاء لحساب إسرائيل من باب الحفاظ على هذه «الشمعة» وسط محيط من الظلمة. وحين تستهدف دوائر صهيونية الاستحقاق الانتخابي في تونس وتستهدف من ورائه تجربة الانتقال الديمقراطي التي تشارف على الاكتمال في بلادنا فإنها تقدم خدمة لاسرائيل وتسعى للحفاظ على خصوصيتها كبلد وحيد يجري فيه التداول على السلطة بالطرق السلمية بالاحتكام إلى صناديق الاقتراع.. لذلك سعت هذه المواقع والصفحات إلى بث بذور الشك والفتنة والفوضى عساها تفلح في توجيه ضربة قاضية للمسار الديمقراطي في بلادنا من باب تأبيد متاجرة الكيان الصهيوني بحكاية أن اسرائيل هي الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط. أما بخصوص التركيز الخاص على رئيس الحكومة فقد يكون ذلك انسجاما مع قراءة صهيونية لتفاصيل الوضع في بلادنا، حيث يتضح أن حكومة السيد يوسف الشاهد سوف تكون حكومة الانتخابات وأن استهداف رأس هذه الحكومة سوف يخلق أجواء من الشك والريبة ولمَ لا الفوضى والفتن التي تفضي في أدنى الحالات إلى التشويش على العملية الانتخابية إن لم يتسن إجهاضها.. المؤسف وسط كل هذا أن تونسيين كثيرين وبدل التنبه والنبش في خفايا هذه الحملة التي تحرك خيوطها دوائر صهيونية ما دفع بإدارة فايسبوك للتحرك انخرطوا في التشكيك والبحث عن شماعات يعلقون عليها سطحيتهم واستعدادهم الفطري للسير في نهج نظرية المؤامرة ومحاولة توريط رئيس الحكومة فيها حتى ولو كان يعد المستهدف الأول بها والمتضرر الأكبر منها.. وحتى ولو كانت تونس هي الخاسر الأكبر من مثل هذه الألاعيب التي تدبر بليل لضرب الاستحقاق الانتخابي القادم وقطع الطريق أمام تجربة الانتقال الديمقراطي ببلادنا والتي سوف تصبح إذا اكتملت مثالا يحتذى للعرب وللافارقة عموما.. وسوف تفضي قبل كل شيء إلى اسقاط اسطوانة الصهاينة القائلة بأنهم الديمقراطية الوحيدة في منطقة الشرق الأوسط.