تعد وضعية المستشفى الجهوي بالقصرين، اكبر شاهد على عدم توازن الخارطة الصحية ببلادنا، فهذا المستشفى بلا تجهيزات، وبلا اطباء اختصاص والمرضى يستغيثون، و يتذمرون من طول الانتظار. القصرين (الشروق) عند ولوجك الى قاعة الاستقبال بقسم التصوير بالأشعة بالمستشفى الجهوي يالقصرين، تجد عشرات المرضى بادية على وجوههم علامات التعب، والارهاق بسبب افة المرض وعدم توفر اليات العلاج، واخرون يقفون عند نافذة الاستقبال يتجادلون مع الأعوان، ليعلو صراخهم تارة وينزل تارة اخرى، ولا تسمعهم الا يرددون عبارات «علاش هكا؟..أعملولنا حل!..» خالد فقراوي، أحد المرضى، الذي وجدناه، في حالة انفعال كبير أكد ل»الشروق»، أنه ينتظر منذ غرة شهر ماي القيام بعملية التصوير بالأشعة، لكن تمت مماطلته في اكثر من مرة وإعطاؤه مواعيد تلو الأخرى، رغم تدهور حالته الصحية، التي اعتبرها حالة استعجالية، ليجد نفسه مرة اخرى في نفس الوضعية وتأجيل موعده الى شهر جوان القادم، اما السبب فهو عدم وجود أطباء اختصاص او لكثرة الضغط على الطبيب الوحيد الموجود بالقسم،حسب تعبيره. مستشفى بدون تحهيزات... وأضاف الفقراوي انه طلب منهم أن يحوّلوه الى احدى المستشفيات بالولايات القريبة على غرار قفصة أو سيدي بوزيد أو الى المستشفيات الجامعية للقيام بعملية التصوير الإستعجالية لكنهم رفضوا ذلك، رغم سماعه تصريح اعلامي للمدير الجهوي للصحة يفيد بتحويل المرضى الى المستشفيات الاخرى، لكن ذلك غير صحيح على ارض الواقع، وهو ما اعتبره محدثنا إهمال وعدم احترام ابسط مقومات حقوق الإنسان. قسم التصوير بالأشعة بالمستشفى الجهوي بالقصرين يشهد نقصا متواصلا، لأطباء مختصين في التصوير بالاشعة، مما أثار إستياء في صفوف المرضى الذين يحمّلون الأطباء والعاملين بالمستشفى، وخاصة بقسم الاستعجالي المسؤولية، التي تصل الى حدّ الاعتداء عليهم بالعنف، حسب ما افاد به ل»الشروق» كاتب عام النقابة الأساسية للأطباء والصيادلة الدكتور الشادلي المقصودي. صيحة فزع... لكن واكد المقصودي الذي أطلق صيحة فزع نظرا لتدهور الخدمات، في هذه المؤسسة الصحية، انه تم إعلام وزارة الإشراف عديد المرات بالنقص الحاصل في القسم المذكور، لكنها لم تُبدِ أي تجاوب، مع مطالب توفير أطباء الإختصاص، مما إضطره، حسب تعبيره، الى كتابة تدوينة في صفحته على موقع التواصل الإجتماعي «الفايسبوك» يدعو فيها المواطنين الى عدم التوجه الى المستشفى، لعدم توفر طبيب بقسم الأشعة وفي نفس الوقت عدم القيام بردود أفعال سلبية أو اعتداءات على الاطار الطبي وشبه الطبي الذي لا يتحمل مسؤولية تقصير الوزارة. وأشار محدثنا في نفس السياق، الى انعدام كل الظروف الملائمة، في هذا المرفق الوحيد الذي يوفر الخدمات الصحية لنصف مليون ساكن، مما دفع عددا من الإطارات الطبية وشبه الطبية الى التهديد بالإستقالة. وللإشارة يستقبل قسم التصوير بالأشعة مئات المرضى يوميا وذلك لارتباطه بكافة الأقسام. المدير الجهوي للصحة يوضح من جهة اخرى، أوضح المدير الجهوي للصحة بالقصرين، عبد الغني الشعباني، أن رئيس القسم قدّم قبل بداية شهر رمضان ب3 أيام طلب عطلة سنوية لمدة شهر، فيما اضطر الطبيب الثاني إلى الخروج خارج تراب الوطن تحديدا الى القطر الايطالي لاسباب عائلية، مضيفا أن إدارة المستشفى لم توافق على الإجازة السنوية لرئيس القسم إلا أنه غادر على الرغم من ذلك، ليتم فتح تحقيق في الغرض مع رفع تقرير لوزيرة الصحة بالنيابة. وأكد الشعباني أنه تمت تغطية الشغور خلال الأيام الثلاثة الأولى من غياب الطبيبين المشار إليهما آنفا باستقدام طبيبة مختصة من مستشفى فرحات حشاد بسوسة، فيما تم خلال الأيام الموالية إرسال تقارير الحالات الإستعجالية إلى المستشفيات الكبرى المجاورة وتحويل الحالات الأخرى الميسورة إلى الخواص، مؤكدا أن أحد الطبيبين المتغيبين سيعود في موفى الأسبوع الجاري. ويشار إلى أن قسم التصوير والأشعة بالمستشفى الجهوي بالقصرين يؤمن سنويا 7 آلاف صورة بجهاز المفراس، منها 400 صورة في الشهر خاصة بقسم الإستعجالي فقط، ويؤكد المرضى تكرّر الغياب المتزامن لطبيبيه المختصين في أكثر من مناسبة دون إتخاذ الإجراءات الضرورية في شأنهما. احتجاجات وغضب... لكن وكانت الإطارات الطبية وشبه الطبية بالمستشفى الجهوي بالقصرين، قد دقت ناقوس الخطر، في مناسبات عديدة، ونفذت تحركات احتجاجية، ودعت إلى إنقاذ قطاع الصحة العمومية ومعالجة أهم مشاكله ونواقصه والبحث عن حلول لمعالجتها، تنطلق من توفير تجهيزات وصيانة المعطبة وتوفير اطباء الاختصاص، علما ان هذه الوحدة الصحية بالقصرين في كل مرة تجد نفسها عاجزة عن تقديم الاسعافات الضرورية للمصابين والجرحى في العمليات الارهابية التي تشهدها المنطقة.