انطلق الترجي منذ الأمس في التحضير للشوط الثاني من لقاء الوداد يوم الجمعة القادم في رادس بداية من العاشرة ليلا. هذه المباراة الحاسمة على درب العرش الإفريقي سيديرها الحكم الغمبي "باكاري غاساما" وقد تلقى الترجي هذا التعيين بإرتياح مَمزوج بالحذر وذلك لعدّة اعتبارات. شهرة واسعة الشُعور بالإرتياح لتعيين "غاساما" يكمن في الصِّيت الكبير لهذا الحكم الخبير بمختلف الكؤوس الإفريقية ("الشان" - "الكان" - رابطة الأبطال). كما أن الرجل يحمل صفة العالمية بعد أن نال شرف المُشاركة في مُونديالي 2014 و2018. ومن المعلوم أن الترجي يعرف جيدا هذا الحكم من خلال إدارته لبعض مقابلاته في رابطة الأبطال كما حصل في النسخة الحالية من المسابقة الإفريقية حيث كان "غاساما" شاهدا على انتصار "المكشخين" أمام "بلاتينيوم" الزمبابوي هُنا في تونس (الجولة الثانية من دور المجموعات). رأي آخر الشهرة الكبيرة ل"غاساما" لم تحجب القلق الذي يسيطر على شق من الترجيين ويعود هذا الشعور إلى سببين اثنين: الأول يتعلّق ببعض الذكريات السيئة التي عاشها سفير تونس مع "غاساما" والثاني يهمّ علاقته المزعومة مع الطرف المغربي. ولا يخفى على أحد أن الترجي كان قد عاش "غصرة" كبيرة مع "غاساما" عندما وقع تكليفه بقيادة مباراة الفريق أمام "حوريا" الغيني في "كوناكري" في إطار إياب الدور الثاني لرابطة الأبطال لعام 2017. وقد وجّه أبناء "باب سويقة" آنذاك انتقادات لاذعة للحكم الغمبي بعد أن انحاز إلى المحليين وكاد أن يضع الترجي خارج السباق القاري لولا هدف المباركي (3 مُقابل 1 للترجي في تونس و2 مُقابل 1 ل"حُوريا" في غينيا) هذا ويعتقد البعض أن "غاساما" يتمتّع بعلاقة جيّدة وربما "خاصّة" مع الأشقاء حتى أنه كان "طالع خير" على الكرة المغربية. فقد كان الحكم الغمبي قائدا للمباراة التي تُوّج بها الوداد برابطة الأبطال على حساب الأهلي (2017). كما أن المنتخب المغربي الشقيق عاش مع "غاساما" فرحة تاريخية على هامش الترشّح إلى مونديال روسيا بفضل الفوز على الكوت ديفوار في عُقر دارها. الترجي يتّهم بعد مباراة الرباط اعتقد الجميع أن الترجي والوداد سيدخلان في "هُدنة" مُؤقتة إلى حين بلوغ الشوط الثاني في رادس غير أن طرفي "الفينال" فنّدا التوقعات وأعلنا "الحرب" على بعضهما البعض. ومن جهته أصدر نادي "باب سويقة" بلاغا طويلا وشديد اللّهجة يهاحم من خلاله السلطات المغربية لعدم نجاحها في حماية البعثة الترجية من الاستفزازات والمقذوفات فضلا عن الفشل الذريع في تأمين الجماهير الصفراء والحمراء. ويَعتبر كاتب البيان أن الجمهور خط أحمر وبناءً عليه فإن الهيئة المديرة للترجي تدين بقوّة كل المُضايقات والإعتداءات التي تعرّضت لها جماهير الفريق أثناء تواجدها في المملكة المغربية بهدف تشجيع سفير الكرة التونسية. وترتفع لهجة التهديد من خلال التأكيد على رفع الملف إلى وزارة الخارجية لتتّخذ الإجراءات اللازمة تُجاه التجاوزات التي عاشها التونسيون في "ضِيافة" الأشقاء. طلبات مُستحيلة لم يهضم الوداد التعادل أمام الترجي خاصّة أن هذه النتيجة قد تُضعف حظوظه في الحصول على اللّقب الإفريقي. وفي ظلّ حالة الإحتقان التي يعيشها الوداديون كان لِزاما على إدارة سعيد الناصري التحرّك بقوّة من أجل إمتصاص غضب الأنصار و"التشويش" على الترجي. وقد إرتدى الوداد ثوب "الضّحية" وحشد الإعلام ليُقيم الحجة على أن فريق البنزرتي تعرض إلى ظلم صارخ على يد الحكم المصري جهاد جريشة الذي قال رئيس الوداد إنه لن يكتفي بالمطالبة بشطبه مدى الحياة بل أنه سَيُحيل الملف على أنظار "الفيفا". ولم يقتصر الأمر على التعبئة الإعلامية والشعبية بل أن الوداد راسل "الكَاف" ليُظهر المظلمة المزعومة ويَعرض طلباته التي تبدو بعضها منطقية والبعض الآخر "مستحيلة". ذلك أن الوداد يلتمس "الكاف" لرفع عقوبة الإنذار الثاني على اللاعب أشرف داري ويَعتبر الأشقاء أن الصور التلفزية أثبتت أن هذه العقوبة التأديبية لم تكن في محلّها وبناءً عليه فإن "العدل" يفرض التراجع عنها ليكون اللاعب تحت تصرف مدربه في مباراة رادس (عقوبة الايقاف عن مباراة الإياب ستشمل خمسة لاعبين من الترجي والوداد وهم بن شريفية والذوادي والشعلالي والنقاش وداري). ولئن كان هذا المطلب مقبولا من حيث الشكل على الأقل فإن المراسلة احتوت على طلب آخر غريب وعجيب ويتمثّل في ضرورة تغيير نتيجة الذهاب لتصبح 2 مقابل 1 للأشقاء بدل النتيجة الأصلية وهي 1 مُقابل 1 ويظنّ الأشقاء أن الحكم ألغى هدفا صحيحا للوداد (رغم أن الصّورة التي لا تكذب أكدت أنه مسبوق بلمسة يد). ومن المُؤكد أن هذا الأمر غير مُمكن وإلاّ لكان الترجي أوّل المُستفيدين منه على خلفية "الجريمة الفظيعة" التي ارتكبها الجزائري عبيد شارف في ذهاب نهائي رابطة الأبطال أمام الأهلي (2018). عُموما يمكن القول إن "ثورة" الوداد تهدف أوّلا وأخيرا إلى كسب "تعاطف" الرأي العام والحصول على أقصى الضّمانات على المستوى التحكيمي في سيناريو مُشابه لما قام به الترجي في نسخة 2018 أولما فعله الرجاء بمناسبة "السوبر" الإفريقي أمام الترجي (احتجاجات الرجاء جعلت "الكَاف" آنذاك تُعيّن الأثيوبي "باملاك تيسميا" وهو أفضل و"أعدل" الحكّام في إفريقيا).