التشتت الحزبي خطر يهدّد الدولة بشكل مباشر وعائق رئيسي أمام فاعلية البرلمان والمجالس البلدية. فبلوغ عدد 218 حزبا في بلد فيه ما يقارب 7 ملايين ناخب فقط، أصبح أمرا أقرب إلى «المهزلة» منه إلى التعدّدية الحزبية التي تعتبر عماد الديمقراطية. تونس (الشروق) يُمكن اعتبار الانتخابات البلدية الجزئية التي انطلقت في عدد من الدوائر الانتخابية، سبر آراء واقعيا يعطي صورة حقيقية عن تركيبة المشهد السياسي بعد أن تداخلت في تحديد حجم الأحزاب وثقلها الشعبي وفي سياق الحديث عن انقلاب كلي للمعادلات السياسية بعد بروز مكونات حزبية جديدة. تشتّت المقاعد نتائج انتخابات بلدية سوق الجديد في ولاية سيدي بوزيد ،اول مؤشر يمكن اعتماده في هذا السياق . وقد أفضت الى فوز حركة النهضة بثلاثة مقاعد ( 15،2 بالمائة من نسبة الأصوات) والتيار الديمقراطي فاز بمقعدين ( 11،8 بالمائة من نسبة الأصوات) وقائمة الوفاء المستقلة بمقعدين ( 11،78 بالمائة من نسبة الأصوات) والقائمة المستقلة أحبك يا شعب بمقعدين ( 11،13 بالمائة من نسبة الأصوات) والقائمة المستقلة بمقعدين (شكلها حزب نداء تونس وتحصلت على 11،06 بالمائة من نسبة الأصوات) والقائمة المستقلة معا من اجل السوق الجديد تحصلت على مقعدين (تحصلت على 10،63 بالمائة من نسبة الأصوات) والقائمة المستقلة المستقبل تحصلت على مقعدين ( 10،26 بالمائة من نسبة الأصوات)وقائمة حركة تحيا تونس تحصلت على مقعد وحيد ( 7،98 بالمائة من نسبة الأصوات) والقائمة المستقلة الريحان تحصلت على مقعد وحيد ( 5،59 بالمائة من نسبة الأصوات) والقائمة المستقلة الوفاق تحصلت على مقعد وحيد ( 4،72 بالمائة من نسبة الأصوات). صعوبة الحصول على الأغلبية بلدية سوق الجديد التي تضم 18 مقعدا، لم تفز أي قائمة بأغلبية مقاعدها. ولم تستطع القائمة الأولى سوى تحصيل 3 مقاعد فقط، في حين يجب ان يتم تجميع عشرة مقاعد لانتخاب رئيس المجلس البلدي وتوزيع المهام داخله ،وارتباطا بأن باقي القائمات لم تتحصل سوى على مقعدين او مقعد وحيد فعلى الأقل يجب تجميع خمس قائمات لهيكلة المجلس وتوزيع المناصب داخله. هذا المشهد الذي أثث بلدية سوق الجديد ينسحب على عدد كبير من المجالس البلدية التي إما ستُعاد فيها الانتخابات قريبا او انه سيقع حلها قريبا بسبب ضعف «التوافقات « داخلها وهو ذات المشهد الذي يسيطر على ملامح مجلس نواب الشعب ومن المنتظر ان يتم تكراره بشكل حرفي في البرلمان القادم. المحاصصة الحزبية حالة التشتت التي تتخبط فيها تونس منذ ثماني سنوات بسبب حالة عدم الاستقرار و ضعف تمثيلية الأحزاب دفع الى ضرورة البحث عن «التوافقات». وهو ما استنزف الكثير من الوقت وضيّع على تونس فرصا مهمة لتحقيق قفزة اقتصادية وتحول سياسي واجتماعي. كما تسبّب تشتّت الأصوات في عدد كبير من الأحزاب الى تكريس «المحاصصة»، التي أصبحت العمود الفقري لتوزيع السلطة في تونس. ضبابية وارتباك انتقلت تونس بعد سنة 2011 الى حالة «الانفجار الحزبي». فعدد الأحزاب بلغ 218 حزبا ل12 مليون تونسي منهم ما يقارب 7 ملايين ناخب مسجل أي حزب لكل 32 الف ناخب. وهو ما تسبّب في حالة تشتّت كبرى للاصوات وضياع نسبة هامة منها في التصويت لقائمات لم تستطع تحقيق القدر الكافي من الأصوات لتكون جزءا من البرلمان، إضافة الى مساهمة هذا العدد الكبير من الأحزاب في احداث حالة ارتباك للناخب التونسي الذي تشابهت عليه الأسماء والبرامج والمرجعيات الفكرية ،حتى ان انتقال قيادات الأحزاب من حزب الى آخر أحدث ضبابية كبرى للتونسي . إعادة الانتخابات حالة التشتت التي يتوقع عدد من المراقبين للمشهد التونسي أن ترتفع في الانتخابات التشريعية القادمة يمكن ان تدفع الى إعادة الانتخابات بعد 6 أشهر من إجرائها ،خاصة اذا فشل البرلمان في تمرير الحكومة التي سيختارها مرشح الحزب الفائز بأكبر عدد من المقاعد. التحالفات والانصهار وعي عدد من الأحزاب بأنها غير قادرة على تحصيل عدد هام من الأصوات وضمان كتلة تحتل مراتب أولى في المشهد البرلماني، دفعها الى اتباع سياسة التحالف او الانصهار، في محاولة لتقوية حظوظها في الانتخابات القادمة.