يقول الشيخ محمد المختار السلامي في تفسيره للمعنى الإجمالي للآيتين 26 و27 : مكائد يهود لا تنتهي ، فبعد أن تحدى القرآن البشرية قاطبة بأن يأتوا بمثل سورة من القرآن وعجزوا ، أثار اليهود مكيدة جديدة فقالوا إن الله في عظمته وجلاله لا يليق به أن يضرب الأمثال بالحشرات كالنمل والعنكبوت والنحل ، فطعنوا بأن ذلك يدل على أن القرآن ليس منزلا من الله ، وبهذا روجوا على عقول الضعفاء من الكافرين لينصرفوا عن الدعوة الإسلامية .فسجل الله في كتابه أنهم أغبياء عندما ظنوا أن القدرة لا تظهر إلا في الأجرام الكبيرة، ذلك أن أصغر مخلوق فيه من أسرار الخلق وكمال التقدير ما يرفعه لأن يضرب الله به المثل . وقد تقدم العلم التجريبي فأبرز بعض أسرار الخلق في البعوض في جينومه ، وطريقة تكاثره . وخصائص ذكرانه وإناثه ، وما يزال يواصل البحث لاستكشاف كثير من الجوانب التي ماتزال خفية، يدرك العلماء وجودها دون حقيقتها ونظامها .ولذا يكون ضرب المثل بهذا المخلوق الضعيف يزيد الذين آمنوا إيمانا ، ويتأكد عندهم صدق الرسول فيما يخبر به عن ربه، وأما الكافرون فيزيدهم إمعانا في الضلال وبعدا عن الحق. وما رفضهم للتمثيل بالمخلوقات الصغيرة وتكذيب الرسول ص إلا جريا على ما إلتزموه في حياتهم من نقض العهود التي أخذ منهم الميثاق المؤكد على احترامها، التي منها عدم تغيير ما شرعه لهم وعدم إخفاء بعضه ، وتأييد الرسل الذين يأتون بعد موسى عليه السلام وقطعوا ما أمرهم الله أن يصلوه .إن هدايته للمرسلين خيط واحد. ويفسدون في أرض الله التي أمر الله بإعمارها ونشر الخير في جنباتها. ولذلك أنبأهم عالم الغيب والشهادة بأنهم هم الخاسرون في الدنيا والآخرة .