نظمت «كونكت» مؤخرا الندوة الثالثة ندوة مقياس أداء المؤسسات المتوسطة والصغرى ومتناهية الصغر. وقد حضر الندوة وزير التجارة عمر الباهي اضافة الى إدوارد لوباز ممثّل «البرنامج الإنمائي للأمم المتّحدة». هذه الندوة -كالندوتين الفارطتين- حددت كونكت فقراتها ومحاورها بناء على دراسة وقع إنجازها بين 29 أفريل الفارط و14 ماي الجاري على عينة متكونة من 500 مؤسسة بحثت مدى صحة المؤسسات الصغرى والمتوسطة في تونس والظروف المؤثرة في أدائها ومناخ أعمالها والصعوبات التي تواجهها لدخول الأسواق. وقد كشفت الدراسة أن 27.2 بالمائة من المؤسسات تواجه عدة مشاكل في انتداب يد عاملة جديدة، نظرا الى عدم وجود الاختصاصات التي تبحث عنها. كما بينت أن أغلب المؤسسات تشكو من تغيّب الموظفين. حيث يتغيب 52.8 بالمائة منهم بسبب المرض، و33.7 بالمائة بسبب النقل العمومي ثم حوالي 22 بسبب مشاكل عائلية. كما أظهرت الدراسة أن 73 بالمائة من المسيّرين لهم مستوى تعليم جامعي وأن 12 بالمائة فقط من المسيّرين في المؤسّسات الصّغرى والمتوسّطة هم من النّساء و11 بالمائة من مسيّري هذه المؤسّسات أعمارهم أقلّ من 35 بالمائة. كما أن 59 بالمائة من مسيّري الشّركات الصّغرى والمتوسّطة أكّدوا أنّهم لا يمكنهم العمل بأريحيّة في صورة عدم دفع رشوة وأنّ 62 بالمائة من مديري الشّركات الصّغرى والمتوسّطة أقرّوا أنّ نسبة الفساد اِرتفعت مقارنة بسنة 2017. ويهدف هذا الجهد من كونكت ليكون بمثابة المحرار الذي يضبط مدى صحّة المؤسّسات الصّغيرة والمتوسّطة اضافة إلى تسليط الضّوء على واقعها وآفاقها لأن هذا النوع من المؤسسات التي يصل عددها الى قرابة 800 ألف مؤسسة تعتبر محرّك الاِقتصاد التّونسي. وقد حرصت كونكت على إعطاء النجاعة المطلوبة لمخرجات هذه الندوة على تشريك الحكومة في النقاش. وقد مثلها وزير التجارة عمر الباهي الذي أيّد ما جاء في الدراسة من رصد لحجم الصعوبات التي تعترض المؤسّسات والتي لخصها في غياب مناخ الثّقة للتباين الواضح بين ما تعرضه تلك المؤسسات من مطالب ومقترحات لتحسين مناخ الاستثمار أمامها وما يتحقق لها على أرض الواقع لأكثر من سبب مبينا أن الحكومة عاكفة على تذليل كل الصعوبات. لكنها تحتاج الى وقت ولا يمكن تغيير الوضع بين عشية وضحاها لكثرة المشاكل وتراكمها وتشعبها. وبين الوزير أن أهم خطوة على طريق إنعاش ذلك النوع من المؤسسات المهمة للنسيج الاقتصادي التونسي هي التوجّه نحو أفريقيا. إذ أنّها سوق واعدة ستحل مشاكل المؤسسات التونسية اذا ما نجحت في افتكاك موطئ قدم ثابت لها فيها مبينا أن الحكومة على استعداد لوضع إمكانياتها لتيسير وصول المؤسسات الى مختلف الأسواق. وفي مداخلته في الندوة اعتبر رئيس كونكت طارق الشريف أنّ صعوبة الوضع الاِقتصادي التونسي يحتم تغيير الطرق القديمة في إدارة الشأن الاقتصادي عبر وضع نموذج تنموي جديد يقوم على تحرير المبادرة وتخفيف العبء على ميزانية الدولة من خلال السعي الى إيجاد حلول للمؤسّسات العمومية التي تعاني من صعوبات متفاقمة مبينا أنه لا بديل عن الخوصصة أو في أفضل الأحوال اقرار الشراكة في تسييرها بين الدولة والخواص والا فإنها ستكون جرحا نازفا في الاقتصاد ستفقده مع الزمن كامل قوته. كما أشار الشريف الى أن المخاوف من إمضاء اتفاقية ال»آليكا» مبالغ فيه لأنه سيتم أولا تعصير القوانين وطرق العمل لمواكبة الفوارق في النمو بين تونس وأوروبا. وهي خطوة تحتاجها تونس في كل الأحوال. كما بين أن التجربة السابقة في انفتاح قطاع الصناعة التونسي على الاتحاد الأوروبي سنة 1995 كانت ناجحة.