إنّ المسلم الذي عرف حقيقة الإسلام لا يؤذي مسلما، ولا يقطع رحما، ولا يسعى بين الناس بالنميمة، بل يسعى بالإصلاح بين الناس، عن أبي هريرة رضي َالله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، والمؤمن من أمنه الناس على دمائهم وأموالهم. (رواه الترمذي والنسائي، وأوله في الصحيحين) وعن ابن عباس قال: مرّ النبي صلى الله عليه وسلم بقبرين، فقال: إنهما ليعذبان، وما يعذبان في كبير؛ أما أحدهما فكان لا يستتر من البول، وأما الآخر فكان يمشي بالنميمة. وعن حذيفة: أنه بلغه أن رجلا ينم الحديث، فقال حذيفة سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلمَ- يقول: لا يدخل الجنة نمام. (رواه مسلم) وإنما نهي عن النميمة؛ لأنها توغر الصدور، وتفرق القلوب، وتحمل الأنفس على العداوة والبغضاء والتنازع والاختلاف، وكفى بذلك شرا, وكفى به إثما عظيما، فالمسلم حقا يسعى لجمع الكلمة، وتآلف القلوب بالإصلاح بين الناس، قال تعالى {لاَّ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتَغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا} (النساء 114) ومن يسعى لتحل اللعنة على المجتمع يسعى بالنميمة بين المسلمين، ويشعل نار العداوة والقطيعة بين الأرحام، والله يقول {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ} (محمد 22 و 23). ومن آمن بما جاء عن الله وعن رسول الله يقينا من قلبه يحب لأخيه المسلم ما يحبه لنفسه، يعامل الناس بالذي يحب أن يعاملوه به، عن عبد الله بن عمرو قال: قال صلى الله عليه وسلم: من أحب أن يزحزح عن النار، ويدخل الجنة، فلتأته منيته وهو مؤمن بالله واليوم الآخر، وليأت إلى الناس الذي يحب أن يؤتى إليه. (رواه مسلم) إنّ دين الإسلام دين الرحمة والرفق والسلام والأخوة والتعاون على الخير، دين السماحة والصدق والمحبة والاجتماع، دين الرحمة بالصغير، وتوقير الكبير، والعطف على الأيتام والمساكين، قال النبي صلى الله عليه وسلم: ليس منا من لم يرحم صغيرنا، ويوقر كبيرنا. (رواه الترمذي). وهو دين عظيم، تؤجر فيه على السلام والزيارة والهدية والابتسامة، والكلمة الطيبة، كم دخل في الإسلام من اليهود والنصارى والمشركين بحسن المعاملة من مسلم عرف حقيقة الإسلام؟ وكم صُد عن الدخول في الإسلام بسوء المعاملة من رجل مسلم، لكن ما عرف حقيقة الإسلام؟ قال صَلى الله عليه وسلم: ألا أخبركم بمن يحرم على النار؟ يحرم كل قريب هين لين سهل. (الترمذي). وقال صلى الله عليه وسلم: ألا أخبركم بأهل النار؟ كل عتل جواظ مستكبر. (البخاري ومسلم). إن السماحة والسهولة والتواضع ولين الجانب من أعظم صفات أهل الجنة, وإن الغلظة وجفاء الطبع والكبر والقسوة من صفات أهل النار. عن عائشة رَضي الله عنها قالت: قال صَلى الله عليه وسلم: إن من شر الناس عند الله منزلة يوم القيامة من تركه الناس اتقاء شره. (البخاري ومسلم) وفي رواية: اتقاء فحشه.