الرفق هو التلطف في الأمور، والبعد عن العنف والشدّة والغلظة. وقد أمر الله بالتحلي بخلق الرفق في سائر الأمور، فقال الله تعالى: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} (الأعراف 199) وقال تعالى {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ} (فصلت 34) والرفق ما وُجِدَ في شيء إلا حَسَّنَه وزَيَّنَه، والدليل قوله صلى الله عليه وسلم: «إنّ الرفق لا يكون في شيء إلا زانه ولا يُنْزَعُ من شيء إلاّ شانه.» (رواه مسلم) وتحكي السيدة عائشة عن رفق النّبيّ صلى الله عليه وسلم فتقول: «ما خُيرَ رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أمرين قط إلا أخذ أيسرهما ما لم يكن إثمًا، فإن كان إثمًا كان أبعد النّاس منه، وما انتقم رسول الله صلى الله عليه وسلم لنفسه في شيء قط إلا أن تُنْتَهَك حرمة الله فينتقم لله تعالى.» (متفق عليه) مظاهر الرفق ويتجلى الرفق في العديد من المظاهر منها: 1- بالنّاس: فالمسلم لا يعامل النّاس بشدّة أو عنف أو جفاء، وقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم أبعد ما يكون عن الغلظة والشدّة، قال تعالى:{وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ} (آل عمران 159) وقد أتى أعرابي إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم وطلب منه عطاءً وأغلظ له في القول، فتبسم صلى الله عليه وسلم في وجهه، ثمّ أعطاه حمولة جملين من الطعام والشراب. (رواه البخاري) والمسلم لا يُعَيّر النّاس بما فيهم من عيوب ولا يظهر الشماتة بهم، بل يرفق بهم، رُوِي أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: «لا تُظهر الشماتة لأخيك، فيرحمه الله ويبتليك.» (رواه الترمذي) والمسلم لا يسبّ النّاس ولا يشتمهم، وقد حذَّر النّبيّ صلى الله عليه وسلم من ذلك فقال: «سباب المسلم فسوق وقتاله كفر.» (متفق عليه) جاء أحد الأعراب ليصلّي في المسجد مع الرسول صلى الله عليه وسلم فوقف في جانب المسجد، وتبوّل فقام إليه الصحابة، وأرادوا أن يضربوه، فقال لهم النّبيّ صلى الله عليه وسلم: «دعوه، وأريقوا على بوله ذنوبًا من ماء أو سجلاً من ماء فإنّما بعثتم مُيسِّرِين، ولم تبعثوا مُعَسِّرين.» (رواه البخاري) 2- بالزوجة: كان يقول صلى الله عليه وسلّم أوصيكم بالنّساء خيرا. كما أنّه صلى الله عليه وسلم كان رفيقا بأحفاده فيلاعب الحسن والحسين ويقبُّلهما، ويحملهما على كتفه. 4- بالحيوانات: نهى الإسلام عن تعذيب الحيوانات والطيور وكل شيء فيه روح. 5- بالجماد: المسلم رفيق مع كل شيء، حتى مع الجماد، فيحافظ على أدواته، ويتعامل مع كل ما حوله بلين ورفق، ولا يعرضها للتلف بسبب سوء الاستعمال والإهمال. فضل الرفق 1- حبّ الله: قال النّبيّ صلى الله عليه وسلم : «إنّ الله رفيق يحبّ الرفق في الأمر كلّه.» (متفق عليه) 2- نيل العطاء العظيم: قال صلى الله عليه وسلم: «إن الله رفيق، يحبّ الرفق، ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف، وما لا يعطي على ما سواه.» (رواه مسلم) 3- تحرّم عليه النّار: فالمسلم يبعد عن النّار برفقه ولينه، ويكون من أهل الجنّة 4- من كان خلقه الرفق في الحياة الدنيا وفعّله بين من يتعامل معهم فإنّ الله يرفق به يوم القيامة: كان النّبيّ صلى الله عليه وسلم يدعو فيقول: «اللّهمّ مَنْ وَلِي من أمر أمتي شيئًا فرفق بهم، فأرفق به.» (رواه مسلم)