يقول الشيخ محمد المختار السلامي في شرحه للآيتين 25 و26 « إن الله لا يستحي .... أولئك هم الخاسرون» قرّب اللَّه لعباده المعاني البعيدة لطفا بهم وعناية بهدايتهم وذلك بمقارنتها وتشبيهها بما هو قريب منهم مألوف لديهم .مثل تشبيهه الإيمان الرّاسخ بالشجرة المثمرة الضاربة عروقها في الأرض، ومثل تشبيه الذين يتخذون آلهة من دون الله بالعنكبوت ووهن ما تبنيه ، ونحو ذلك من الأمثال المنتشرة في القرآن . ولما تحدى القرآن البشرية في جميع عصورها الحاضرة والتي تأتي بأن يأتوا بسورة تشبه القرآن، وثبت عجزهم عن ذلك ، وكان ذلك أوضح دليل على أن القرآن من عند الله . عمل اليهود على تشكيك المغفلين من الكافرين بمكيدة سخيفة، فأوهموهم بأن القرآن قد جاءت فيه الأمثال بالمخلوقات الضعيفة التي ليس لها عظيم شأن في الوجود، كالبعوض والنمل ونحو ذلك ، والله في عظمته وجلاله لا يليق به أن يضرب الأمثال بهذه الأشياء التي لا خطر لها وليس لها قيمة كبيرة وبنوا على ذلك أن القرآن ليس من عند الله. نبه سبحانه بهذه الآيات أن كل كائن من خلق الله له أسرار لا يعلم جميعها إلا خالقها ، فالبعوض على صغر حجمه تمثٌل خريطته الوراثية (جينومه) دقٌة عجيبة، وضبطا محكما لجميع تحولاته وتوجهاته في الحياة .إنه من الجهل والغباء أن يستهين الإنسان بأسرار الخلق في أي كائن ، هذه الأسرار التي أشار إليها القرآن في قوله تعالى «ربنا الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى».