كان رسول الله صلى الله عليه وسلم حريصاً على هداية الناس مسلمهم وكافرهم حرهم وعبدهم كبيرهم وصغيرهم بذل نفسه وروحه ووقته حتى قال له ربه : { فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَن يَشَاء وَيَهْدِي مَن يَشَاء فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ } لقد دعا إلى الله في كل مكان وحال وزمان في المسجد والسوق وفي الطريق بل وحتى على شفير القبر كان يستغل جميع المواقف ليعظ الناس ويذكرهم بربهم لا يرى عاصياً إلا نصحه ولا مقصراً إلا وجّهه ولم تكن نظرته في هداية الناس قاصرة بل كان عالي الهمة في ذلك يفكر في إيصال الدعوة الى أبناء الكفار حتى قبل ان يولدوا ومصداق ذلك ما جاء في الصحيحين أن عائشة رضي الله عنها تأملت يوماً في مصاب النبي عليه السلام يوم أحد يوم قتل بين يديه أصحابه وفر خلانه وأحبابه وتمكن الكفار من الأبرار وارتفعت راية الفجار وعظم المصاب واشتد الكرب وأصيب النبي عليه السلام قالت عائشة : يا رسول الله هل أتى عليك يوم كان أشد من يوم أحد ؟ فقال صلى الله عليه وسلم وهو يستعيد ذكريات بلائه: لقد لقيت من قومك ما لقيت وكان أشد ما لقيت منهم يوم العقبة إذ عرضت نفسي على بن عبد يا ليل . فلم يجبني إلى ما أردت فانطلقت وأنا مهموم على وجهي فلم أستفق إلا وأنا بقرن الثعالب ( وهو ميقات أهل نجد قرب الطائف ) فرفعت رأسي فإذا أنا بسحابة قد أظلتني فنظرت فإذا فيها جبريل فناداني فقال : إن الله قد سمع قول قومك لك وما ردوا عليك وقد بعث الله إليك ملك الجبال لتأمره بما شئت فيهم فناداني ملك الجبال فسلم علي ثم قال : يا محمد فقال: ذلك فيما شئت إن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين وهما جبلان عظيمان حول مكة فقلت : لا بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده لا يشرك به شيئاً .