كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أرحم النَّاس بالنَّاس وأرأفهم بهم؛ المؤمنين ومن لم يكن يدين بدين الإسلام أصلًا، بل إنَّ رحمته صلى الله عليه وسلم تعدت ذلك إلى الحيوان، والجماد، عن عائشة رضي اللّه عنها زوج النَّبي صلى الله عليه وسلم أنَّها قالت للنَّبي صلى الله عليه وسلم: هل أتى عليك يوم كان أشدَّ من يوم أحد؟ قال: «لقد لقيت من قومك ما لقيت، وكان أشدَّ ما لقيت منهم يوم العقبة، إذ عرضت نفسي على ابن عبد يا ليل بن عبد كلال، فلم يجبني إلى ما أردت فانطلقت. وأنا مهموم على وجهي، فلم أستفق إلَّا وأنا بقرن الثَّعالب، فرفعت رأسي، فإذا أنا بسحابة قد أظلَّتني، فنظرت فإذا فيها جبريل، فناداني، فقال: إنَّ الله قد سمع قول قومك لك وما ردُّوا عليك، وقد بعث الله إليك ملك الجبال لتأمره بما شئت فيهم. فناداني ملك الجبال فسلَّم عليَّ، ثمَّ قال: يا محمَّد، فقال: ذلك فيما شئت، إن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين. فقال النَّبي صلى الله عليه وسلم: بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله لا يشرك به شيئًا» (البخاري). قال ابن حجر: «في هذا الحديث بيان شفقة النَّبي صلى الله عليه وسلم على قومه، ومزيد صبره وحلمه، وهو موافق لقوله تعالى: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ} [آل عمران من الآية:159]، وقوله: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ} [الأنبياء:107].