تونس (الشروق) تعتبرُ مدينة دوز أشهر مُدن ولاية قبلي وتتواجد بالجنوب الغربي التونسي، وتطلّ بغابات نخيلها الغنّاء على أعماق الصّحراء، وتبعد عن مركز الولاية 28 كلم وعن تونس بمسافة 550 كلم، وذات مناخ صحراوي حارّ وجاف وتحدّها ولاية تطاوين وقابس ومدنين ومدينتي القلعة والفوّار. ولتمدين واقعها العمراني أحدثت بها نواة بلدية بتاريخ 9 جانفي 1957 وتجاوز عدد سكّانها حاليا 30 ألف نسمة. وعرفت حديثا باسم «المرازيق» لانحدار سكّانها من قبيلة المرازيق العربية واستوطنها قبلهم عدّة عروش وتجاوزوا هذا «الشتات» بالانتماء الصائب للأرض والوطن. وتتميّز دوز بتنوع الأنشطة الفلاحية وتفليح الأرض وبإنتاج أجود تمور دقلة النور ومحافظتها المتوارثة على قطيع الماشية. وتعتبر قطبًا للسياحة الصّحراوية لتنوّع تضاريسها وكرم أهاليها ومحافظتهم على خصوصية عاداتهم وتقاليدهم «البدويّة» وتحتضن الجهة عديد السباقات العالميّة كالسيارات والدرّاجات الناريّة بمشاركة أشهر الأبطال ممّن خبروا صحراء دوز واكتشفوا ثناياها، إضافة إلى شُهرة المهرجان الدولي للصحراء بدوز الذي انطلق منذ سنة 1967 ويعدّ موقعا ووجهة نشيطة للسياحة الداخلية والدولية لما يحتويه من عروض فرجويّة تختزل وتصوّر ثراء المخزون التراثي بالجهة التي تنصهر في المشاركات الدولية. وتُعرف دوز أيضا بحركية أنشطتها الثقافية المتنوعة وكثرة أعلامها خصوصا ممّن ينظمون الشعر الشعبي والفصيح أمثال محمد المرزوقي – جمال الصليعي ومحمد الطويل وغيرهم كُثر ممّن أثروا المكتبة الوطنية بأرقى إبداعاتهم في مختلف «الطقوس» الأدبية. وكانت دوز خلال حقبة الاستعمار الفرنسي مركزا للخليفة ولحامية عسكرية واشتهر «المرازقة» ببطولاتهم وصلابتهم وشجاعتهم وثباتهم على مقاومة الاستعمار وقدموا عديد الشهداء خصوصا في حادثة «البرج» الشهيرة سنة 1944 التي ثاروا فيها على التواجد الاستعماري وقاوموا ظلمه وحيفه. وتوظيفا لشهرة المدينة أقامت بلدية دوز «الحديثة» عدّة اتفاقيات توأمة مع بلديات إيطالية وبلجيكية وألمانية لدعم التعاون الثنائي وتوسّع المدينة عمرانيا وسكانيا لم يفقدها ملامح إرثها البدوي الحداثي المتأتي من تشبّث الأهالي بجمال أصالتها المتحركة في تناغم «ناعم» مع التحوّلات الوطنية.