بعد الفوز المَعنوي على العراق الشقيق يخوض الفريق الوطني اللّيلة امتحانا وديا كبيرا في ضيافة كرواتيا صاحبة الميدالية الفضية في المُونديال الأخير. هذا الإختبار الودي سيدور في مدينة «فارزدين» التي تقع على بعد 80 كيلومترا من العَاصمة «زغرب». منتخبنا لم يذهب إلى هُناك من أجل السياحة أواستكشاف «التجربة الكرواتية» التي أذهلت العالم بأسره في مونديال روسيا وإنّما اختار فريق «ألان جيراس» مُلاقاة هذا المنافس «القوي» للوقوف على الجاهزية الفِعلية لزملاء المساكني قبل 13 يوما فحسب من انطلاق المُغامرة الإفريقية التي ستضع تونس في مُواجهة أنغولا ومالي ومُوريتانيا على أرض السويس. وكان منتخبنا قد برمج ثلاث وديات تحضيرية أمام العراقوكرواتيا وبورندي لكن هُناك شبه إجماع على أن لقاء الليلة قد يُشكّل الإختبار الحَقيقي للفريق الوطني بالنّظر إلى ثِقل الخَصم و»التَايمينغ» بعبارة الزواوي الذي قد لا يُحبّذ البعض استحضاره على هامش الكؤوس الافريقية بفعل الذِكرى السيئة التي عاشها معه الجمهور خلال دورة 94 في تونس. وقد تَرسّخ الاقتناع في صفوف الكثيرين بأن لقاء كرواتيا يُشكّل الفرصة الأمثل لنعرف مُستوانا الحقيقي خاصّة أنّنا سنصطدم بمنافس رفع له الغرب والعرب (ليس كلّهم) القُبّعة بعد أن تخلّص من الانهزامية وبلغ «فِينال» كأس العالم في سابقة تاريخية و»مُعجزة» كروية بالنسبة إلى هذا البلد «الصّغير» جغرافيا وسكانيا (ما يُعادل ثلث سكان ومساحة تونس). ويُمكن القول إن الفريق التونسي سيواجه اللّيلة خصما يُصنّفُ ضمن منتخبات «المُستويات العالية» التي قال «سي» معلول إننا لن نبلغها إلاّ بعد جيل أوجيلين وهذه «النظرية التشاؤمية» قد يتبنّاها البعض وقد يرفضها البعض الآخر خاصّة بعد أن أثبتت عدة جمعيات ومنتخبات أنه لا مُستحيل في الكرة بدليل ما فَعلته زمبيا في «الكَان» وما حقّقته كرواتيا في المُونديال وما أنجزه «مَازمبي» والرجاء و»العَين» في كأس العالم للأندية... وكلّ ما يهمّنا الآن أن يستثمر المنتخب هذا الودّ الثقيل أمام وصيف بطل العالم ليختبر جَاهزيته ل «الكَان» وليضبط «جيراس» أيضا توجّهاته الفنية ويُحدّد ملامح التشكيلة التي سنراهن عليها لكسب التَحدي في ملاعب مصر. ومن المفروض أن يُواجه فريقنا «الكُرواتْ» بأحسن اللاعبين لتقديم أداء يُطمئن القلوب قبل أيام معدودة من «الكَان» التي سندخلها بهدف فكّ «عقدة» الدّور ربع النهائي ولم لا مُطاردة اللقب الذي لم يكن بَبعيد في 2017 لولا «الفَوضى» الفنية والطبية التي رافقت لقاء بوركينا فاسو. ولا اختلاف في أن مباراة كرواتيا قد تكون من الوديات «المَرجعية» لنكتشف الايجابيات والسلبيات ولنحدّد الخطوط العريضة للخيارات الفنية لكن هذا لن يُنسينا أبدا الطابع الودي لمِثل هذه اللقاءات. وقد تكون هذه الوديات مفيدة للقيام ببعض الإصلاحات ولإنعاش المعنويات لكن العِبرة بالرسميات ولكم في روسيا خير دليل على ما نقول. فقد كانت نتائج «الروس» أثناء التحضيرات للمُونديال متواضعة بل «مُفزعة» لكن مع انطلاق السباق نجح أصحاب الأرض والجمهور في بلوغ الدّور ربع النهائي. ولاشك في أن نجاح منتخبنا في الجمع بين النتيجة والأداء في مواجهة «الكُرواتْ» يُعتبر من المكاسب المُهمّة من الناحيتين الرياضية والمعنوية وحتّى على صعيد «التَسويق» خاصّة أن اللقاء سيكون في ضيافة وصيف بطل العَالم وتحت أنظار الصّحافة الدولية. كن هذا النجاح «المُحتمل» لا يدلّ أبدا على أن منتخبنا أصبح جاهزا لرفع كأس افريقيا بحكم أن الأمر يتعلّق بلقاء ودي وقد لا تخوضه كرواتيا بكامل طاقاتها وبنفس الروح التي ظهر بها رفاق «مُودريتش» في نهائيات المونديال بدعم من الرئيسة «الظاهرة» «كوليندا» وبقيادة المدرب «داليتش» الذي «كَافح» في أصناف الشبان وهَاجر إلى دول الخليج قبل أن يصنع العجب مع كرواتيا. وفي سياق مُتّصل ب»المُغالطات» التي تُفرزها الوديات نشير إلى أن كرواتيا هي فعلا وصيفة بطل العالم لكن هذا لا يعني أنها بالقوّة التي صوّرها الجريء و»أتباعه» في «الأحد الرياضي». ويعرف القاصي والداني أن «الكُرواتْ» عرفوا بعد «مُعجزة» المونديال حالة من الشك خاصّة بعد الهزيمة «المُذلّة» على يد الإسبان (6 مُقابل 0 ضِمن دوري الأمم الأوروبية). كما أن الأداء لم يكن في مستوى الانتظارات على هامش التصفيات الحالية ل»أورو» 2020. هذا فضلا عن خسارة عدة أسماء اختارت الإعتزال بعد المُونديال مثل الحارس «سُوباسيتش» والمدافع «كورلوكا» والمهاجم المعروف «ماندزوكيتش». وبناءً على كلّ ما تَقدّم نؤكد أن مباراة كرواتيا ستكون الاختبار «الأخطر» والأكبر للمنتخب لكن من الخطأ أن نتّخذ من نتيجتها مقياسا نهائيا لتحديد جاهزيتنا ورسم حُدود طموحاتنا التي قال «جيراس» إنّها مُرتفعة. والأمل كلّه أن لا «يخدعنا» كما فَعل أسلافه في المنافسات الافريقية والعالمية السابقة. البرنامج: لقاء ودي (س19 و45 دق) في مدينة «فارزدين»: كرواتيا - تونس