تسارعت في الآونة الأخيرة وتيرة «التقارب» بين بعض الأحزاب إما عبر الاندماج أو عبر إعلان التحالف. وهو ما يطرح عديد التساؤلات حول مدى قدرة هذا التمشي على الصمود وخاصة على النجاح في الانتخابات وحول قدرته على استقطاب الناخبين. تونس الشروق – في الآونة الاخيرة، وقبل بضعة أشهر من الانتخابات، حصل تقارب بين بعض الأحزاب بأشكال مختلفة. فحزب المبادرة أعلن الاندماج في حزب تحيا تونس وحزبا مشروع تونس ونداء تونس (شق الحمامات) أعلنا الشروع في إعداد مسار توحيدي لخوض الانتخابات القادمة. كما تحدث البعض عن بوادر تقارب بين حركة تونس إلى الأمام الذي يقوده عبيد البريكي وحزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد (وطد) الذي تشهد علاقته بالجبهة الشعبية بعض التوتر. وكان حزب الحراك الذي يرأسه منصف المرزوقي وحركة وفاء التي يترأسها عبد الرؤوف العيادي قد أعلنا الدخول في تحالف سياسي انتخابي. ومن جهته قال الأمين العام للحزب الجمهوري عصام الشابي منذ أيام انه سيتم الاعلان عن تكوين جبهة أو تحالف انتخابي ديمقراطي اجتماعي خلال الايام القادمة قد يضم الى جانب الجمهوري كل من حركة تونس الى الأمام وحزب المسار الديمقراطي الإجتماعي وحركة الديمقراطيين الاجتماعيين ومبادرة قادرون الى جانب بعض الشخصيات المستقلة. وينضاف كل ذلك الى التحالف القائم حاليا وهو الجبهة الشعبية التي تضم عدّة مكونات. ومن المنتظر أن تبقى كل فرضيات التحالف او الاندماج او التقارب واردة في الفترة القادمة بالنسبة لبقية الأحزاب البارزة في المشهد العام والتي لا تمانع هذا التمشي لكنها خيّرت التريث ومزيد تدارس كل الفرضيات الممكنة. هذا التقارب بين الاحزاب يثير بعض التساؤلات أبرزها تلك المتعلقة بمدى قدرته على الصمود في ظل ما قد يحصل من تطورات داخله وكذلك التساؤل لدى الناخب حول الغاية الحقيقية منه. دوافع التحالف عند الاعلان عن تقارب أو تحالف جديد بين حزبين أو أكثر، عادة ما تكون التساؤلات حارقة لدى الرأي العام حول الدوافع الحقيقية التي أدت إلى هذا الخيار من الاحزاب المعنية وإن كانت فعلا دوافع موضوعية أي بناء على تقارب حقيقي في الافكار والبرامج والرؤى بين الاحزاب وبناء على رغبة في التقدم ببرنامج انتخابي مشترك وقوي يخدم المصلحة العامة ويحقق فعلا انتظارات الناخب، أم أنه مجرد تقارب أو تحالف حتّمته المصلحة السياسية أو بعض المصالح الشخصية الضيقة وحتّمه أيضا التنافس غير الشريف بين الأحزاب والذي يهدف إلى الإطاحة بالخصم بكل الطرق والوسائل الممكنة بما في ذلك التحالف مع أي كان. وكل ذلك سيكون له تأثير بارز على نوايا التصويت لفائدة التحالف خصوصا أن الناخب أصبح على اطلاع بكل الخفايا والكواليس السياسية ويميز بين التحالفات الصلبة والحقيقية وبين التحالفات القائمة فقط على المصالح الضيقة. صراع القائمات من أبرز المشاكل التي يتوقع المراقبون أن تُطرح أمام هذه التحالفات مدى قدرتها على تخطّي عقبة المشاكل الداخلية التي قد تبرز داخلها. فالتحالف أو الاندماج يهدف أساسا الى تحقيق الفوز في الانتخابات التشريعية وذلك عبر مشاركة قوية فيها وهو ما سيتطلب تقديم قائمات ائتلافية أو مشتركة.. غير أن ذلك قد يخلق صراعات ومشاكل داخله في ما يتعلق بترأس القائمات أي أن رئيس القائمة سيكون منتميا إلى أي حزب من أحزاب التحالف أو الائتلاف، وكذلك في ما يتعلق بالترتيب في القائمة باعتباره محددا للحصول على مقعد في البرلمان. وهو ما يتطلب من الأحزاب التي تنوي الاندماج أو التحالف أن تكون منذ البداية أكثر توافقا وتوضيحا لهذه المسألة حتى لا يكون التحالف عرضة للانفجار منذ بدايته. الزعامة.. والرئاسية أثبتت التجربة في تونس أن أغلب التحالفات ونوايا التقارب بين الأحزاب عادة ما يقع اجهاضها منذ البداية بسبب حرب الزعامات. حيث يتضح منذ البداية أن كل رئيس أو أمين عام حزب من الاحزاب المتحالفة يرغب في أن تُسند له الزعامة وفي ان تُسند لقياديي حزبه المواقع المتقدمة في التحالف الجديد. وهو ما قد يطرح بدوره مشاكل تعرقل نجاح التحالف. ومن المنتظر أن يُطرح المشكل نفسه بالنسبة للانتخابات الرئاسية، وذلك بسبب ما قد يحصل من اختلاف حول ترشيح الشخصية المناسبة للانتخابات الرئاسية باعتبار ان زعيم كل حزب من الاحزاب المتحالفة يرغب في أن يكون هو المُرشّح للرئاسية وهو ما قد يخلق بدوره عقبة أمام إنجاح التحالف. هذه الموجة من التحالفات والائتلافات التي شدت في الآونة الأخيرة الرأي العام اعتبرها مهندسوها الخيار الامثل للدخول بقوة للانتخابات ولتقديم برامج انتخابية قوية ومتنوعة تخدم مصلحة الناخب والمصلحة الوطنية واعتبروها أيضا أفضل حل لإيقاف نزيف تشتت الاحزاب. غير انها تبقى في نظر عديد المختصين تجربة هشّة ومحفوفة بمخاطر «الانفجار» في أية لحظة ما لم تكن قائمة على توافق صلب بين مكوناتها وخاصة التوافق حول توزيع الادوار وحول توزيع الترشحات للتشريعية والرئاسية. فالتجارب السابقة للتحالفات الحزبية والانتخابية أثبتت أن أحزابنا مازالت بعيدة كل البعد عن اتقان هذا التمشي الذي أصبح معمولا به في عديد الديمقراطيات ونجح في تحقيق الغايات المرجوة منه. مشاكل ما بعد الانتخابات يتحدث المختصون أيضا عن المشاكل التي قد تعترض هذه التحالفات بعد الانتخابات وخاصة في صورة تحقيق الفوز فيها وذلك من حيث تقاسم المسؤوليات في السلطة. وهو ما قد يحصل مثلا بمناسبة ترشيح من سيتولى رئاسة الحكومة وأيضا عند توزيع الحقائب الوزارية أو غيرها من المسؤوليات العليا في الدولة. وكل ذلك من شأنه التأثير سلبا على قوة وصلابة التحالف وعلى حظوظ تواصله في ما بعد على شاكلة ائتلاف حكومي أو غيره. أبرز التحالفات تحيا تونس – المبادرة مشروع تونس – نداء تونس (شق الحمامات) حزب الحراك (منصف المرزوقي) وحركة وفاء (عبد الرؤوف العيادي) الجمهوري - تونس الى الأمام - المسار الديمقراطي الإجتماعي - حركة الديمقراطيين الاجتماعيين - مبادرة قادرون (وفق ما أعلنه عصام الشابي أمين عام الجمهوري) حديث عن إمكانية التحالف بين تونس الى الامام (عبيد البريكي) وحزب الوطد توجد أحزاب مازالت لم تحدد موقفها بعد من التحالفات لكنها لا تمانع على غرار البديل والدستوري الحر والنهضة والتيار الديمقراطي ونداء تونس ( شق المنستير) والحزب الذي قد يؤسسه نبيل القروي وغيرها..