هو أعمى لا يرى، فافعل ما شئت حيث شئت ومتى شئت.. لك أن تتعرّى وتتبوّل وتزبّل حيث أردت وكما تريد.. فأنت غير موجود لديه لا بالرؤية ولا بالحساب هو أبكم لا صوت ولا كلمة له ولا أحد يخشى له قولا ولا نبرة ولا همزا وغمزا. هو أصمّ لا يسمع حتى صوت مدفع رمضان يدوي فوق رأسه بالذات تحديدا. وبالتالي لا رأي يسمعه منك ولا مطلب يلبّيه أو شأنا يقضيه لا شمّ له ولا لمس. ولا حاسة من الحواس الخمس. لا نتن يعنيه ولا شؤم الحال يلهيه ولا قبح الأمر يبكيه وعيبه أن كل العيوب فيه يأكل يمضغ يبتلع يجتر ولا يشبع ما دام «رزق البيليك» للمماليك والصعاليك يأكل هنيئا ويشرب مريئا ويرقد على اليمين أو على اليسار أو على البطن ويحلم أحلام «البوليتيك» بالجنّة تجري من تحتها الأموال لأصحاب الكراسي لاستثمار المآسي في تعبيد الطريق إلى الهاوية حيث السياحة والراحة والاستجمام إنّك على حافتها فإلى الأمام هكذا حدثني ابن العم. قلت له مع الاعتذار لنزار قباني: (من أين تأتي بالفصاحة كلها * وتنتقي كلمات «حقّا» تعنيها) قال: وماذا أعني قلت: ألا تقصد بالأعمى الأبكم الأصم مجلس أصحاب السموّ والمعالي والسعادة والهمم ذاك المجلس البلدي يا ابن العم. جلس على قمّة جبل الزبالة وغنى: «نعم يا حبيبي نعم».