«شنيّة ها الهموم الزرقا الي مسكنينهم» هكذا كان يصرخ في الإقامة السكنية طارحا طالبا افريقي تحت اقدامه بعد ان أشبعه ضربا. كان ينادي بهستيريا على حارس العمارة وكاد ليأمره بإلقاء ادباش الطالب ورفاقه خارج الإقامة. ما الذي حصل هكذا تساءل الاجوار وهم الذين تعودوا رؤية الطالب عند كل مساء يخرج ليمارس حركات رياضية وليلهو قليلا بالكرة مع الأطفال المتواجدين في حديقة الإقامة. يومها كان الروتين العادي للطالب حيث خرج لممارسة حركاته الرياضية ولكنه تفاجأ بالجار يطرحه أرضا ويسدد له لكمات والتهمة «ازعاجه باللعب في الحديقة». عاد الطالب الى المنزل خجلا وناب عنه في التحدث الى نقيب الإقامة شاب افريقي آخر ليصرّح بأنهم يتعرضون للمضايقات. كانت الحادثة عنصريّة بامتياز وفي المقابل لم يكن هناك تصديّ جماعي لهذا المشهد العنصري فالكل لم ترق له الحادثة ولكنه لم يتجرأ على طلب الاعتذار من الطالب الضحية. نحن عنصريون جدّا مع أبناء جلدتنا الإفريقية والذين يكافح أغلبهم بيننا وبواقعنا الاقتصادي الهش من أجل حياة كريمة. القانون ذاته يبدو عاجزا عن الحد من هذه النزعة العدوانية التي تسكننا. هم جاؤوا الى تونس طلبا للعلم وطلبا لحياة افضل وهكذا فعل تونسيون من قبلهم في فرنسا وفي دول أوروبية أخرى. هم لم يأتوا لافتكاك رفاهيتك او امتيازاتك الاقتصادية والاجتماعية هم هنا للمساهمة في الدورة الاقتصادية وللحصول على فرصة وآفاق لك ان تنافسهم عليها. هم هنا بخصوصيتهم الاجتماعية والذاتية وما عليك سوى احترامها تماما كما يحترمون خصوصيتك. نحن نحتاج مراجعة اخلاقنا كي نقبل الآخر كما هو فما يحصل لا يليق بتاريخنا حيث اننا اول بلد يلغي العبودية في العالم ولا يليق بثورة الحرية والكرامة والحقوق.