بدأت العلاقة بين النفط وبعض الأقطار العربية عندما اكتشف النفط لأول مرة في العراق عام 1927 ثم توالت الاكتشافات الكبيرة بعد الحرب العالمية الثانية في الكويت والسعودية وقطر والجزائر وليبيا والإمارات العربية. كانت عمليات الاستكشاف والإنتاج تجري في بداية الأمر في إطار تجمعات أجنبية منعزلة عن النشاط الاقتصادي والاجتماعي السائد في الأقطار التي وجد فيها النفط ولذلك انحصرت علاقة النفط بالأقطار العربية حينذاك في الناحية الجغرافية والترتيبات السياسية التي أقامتها الدول المنتصرة في الحرب العالمية الثانية، قبل الحرب وبعدها ، فالنفط كان يعتبر في نظر هذه الدول ملكا لها ولشركاتها أما نصيب الجانب العربي الذي كانت أراضيه تنتجه فلم يكن يزيد عن أربعة شلنات عن الطن تدفع للحاكم المحلي كي ينفقها على أغراضه الخاصة. ثم حدثت تطورات أساسية في حجم العائدات النفطية المستحقة للأقطار المصدرة بعد صراع مصدق مع الاحتكار النفطي البريطاني عام 1950. وأصبحت حصة الجانب العربي تقدر بعدها على أساس المناصفة في الأرباح. بناء على سعر النفط الذي تحدده الشركات الأجنبية بنفسها وبعد خصم المصروفات والنفقات التي تحددها هذه الشركات صاحبة الامتياز أيضا. غير أن الاكتشافات النفطية الهامة التي حدثت في الأقطار العربية خلال الخمسينات والستينات بالإضافة الى نيل العديد من الأقطار العربية استقلالها السياسي زادت من أهمية النفط في البلدان العربية حيث ارتفع عدد هذه الأقطار المنتجة والمصدرة له من خمسة أقطار إلى اثني عشر قطرا خلال الفترة من 1950-1970 كما اتجه المعدل اليومي للصادرات النفطية العربية في الارتفاع حتى وصل عام 1980 إلى مليون برميل. وبعد هذه الزيادة الكبيرة في إنتاج النفط العربي أصبحت الأقطار العربية النفطية تساهم بحوالي ثلث الإنتاج العالمي.وتوفر حوالي 60 % منة النفط المسوق عالميا غير ان ترتيبها منفردة متباين بشكل حاد. اذ تنتج البحرين اقل من 60 ألف برميل يوميا بينما تنتج السعودية 9 ملايين برميل يوميا كما ان ثلاثة أقطار عربية فقط في منطقة الخليج – من بينها العراق – تساهم بحوالي 70 % من مجموع إنتاج الدول العربية. علاقة النفط بالأقطار العربية من الناحية الجغرافية تنحصر بشكل رئيس في ذلك الوقت في خمسة اقطار عربية هي : السعودية والعراقوالكويت وليبيا والامارات واذا اضفنا الى هذه المجموعة كلا من الجزائر وقطر.نجد ان حوالي 94 % من انتاج النفط ينحصر في هذه الاقطار. اما من الناحية الديموغرافية فإننا نتبين ان النفط ينحصر في نسبة محدودة من سكان الوطن العربي لا تتجاوز 18 % اذا استثنينا الجزائر وحوالي 27،8 % اذا أضفناها. فماذا كانت النتيجة المباشرة لهذه المعطيات الاقتصادية المجردة على صعيد الوطن العربي ككل؟ يذكر أحد الباحثين الاقتصاديين ان الفترة منذ اوائل الستينات من هذا القرن (مرحلة الاكتشافات الكبرى للنفط) قد شهدت انقسام الدول العربية الى مجموعتين متميزتين من الدول وذلك على اساس من الدخل المتوسط للفرد الواحد فبرزت الى الوجود مجموعة من الدول المحدودة السكان يرتفع متوسط دخل الفرد من سكانها الى مستويات الدول المتقدمة او قد تزيد عنها بينما بقي الجزء الأكبر من الأقطار العربية التي تضم الجمهرة الرئيسية من الشعب العربي تعاني من مشاكل انخفاض الدخل الفردي ومن أزمات العجز الكبير في ميزان مدفوعاتها وغيرها من المشاكل الاقتصادية، ثم يضيف الباحث نفسه قائلا : (ان الدخل بالنسبة للفرد الواحد قد وصل في أعلى الدول العربية دخلا عام 1972 وهي الكويت نحو خمسين ضعف الدخل في اقل الدول العربية دخلا بالنسبة للفرد الواحد من السكان وهي :الصومال على ان الفارق تضاعف نحو ثلاث مرات في عام 1973 بعد ارتفاع اسعار النفط على اثر حرب أكتوبر وأصبح دخل الفرد في الكويت يزيد بأكثر من مائة وخمسين مرة عن دخل الفرد في الصومال وبأكثر من ثمان وأربعين مرة عن متوسط الدخل الفردي في مصر واستمر هذا الفارق في السنوات التالية. يتبع