وتونس تحيي اليوم، اليوم العالمي لمنع الأسلحة الخفيفة، لقي ما بين سنتي 2018 و2019 أحد عشر تونسيا مصرعهم بعد اصابتهم بأعيرة نارية صادرة عن بنادق يملكها أشخاص. تونس (الشروق) رقم يطرح أكثر من سؤال حول وضع الاسلحة الخفيفة في تونس في علاقة بمن يملكها وكيف يتم اسناد رخصها وهل نملك نوادي لتدريب مستعمليها؟ آخر ضحايا الاسلحة الخفيفة في تونس شاب من معتمدية زرمدين من ولاية المنستير. الضحية لقي حتفه في بداية شهر جوان الفارط في حفل زواج لما أصيب بطلق ناري صدر عن بندقية على ملك موظف متقاعد كان في حالة سكر. والحقيقة أن مثل هذه الحوادث لم تعد عابرة. بل تحولت الى ظاهرة والدليل ان احد عشر تونسيا لقوا حتفهم ما بين سنتي 2018 و2019 نتيجة اصابتهم بأعيرة نارية سواء في حفلات الزواج أوفي رحلات صيد. وتبقى سنة 2011 العنوان الابرز للاستعمال العشوائي للأسلحة الخفيفة المملوكة من طرف اشخاص. اذ سقط أكثر من 15 قتيلا في ما يعرف بأحداث العروشية بولاية قفصة. وعاشت مدن اخرى نفس الاحداث كأحداث قبلي وسليانة لما رفع تونسيون اسلحتهم الخاصة ضد بعضهم بعضا لأسباب تتعلق بملكية اراض او للانتقام. والغريب ان ملف الاسلحة الخفيفة التي يمسكها اشخاص لم يفتح بشكل جدي رغم خطورة الاحداث التي تسببت فيها هذه الاسلحة. فمن يملك هذه الاسلحة وكم عددها ؟ قانوني وعشوائي أعلن وزير الداخلية السابق الهادي مجدوب يوم 7 فيفري 2017، خلال رده على استفسار النائب بمجلس نواب الشعب فيصل التبيني حول المقاييس التي يقع اعتمادها لإسناد رخص شراء ومسك وحمل سلاح الصيد، أن « هناك 45 الف بندقية صيد أصحابها يحملون رخصة قانونية في حين أن عدد المطالب المقدمة لوزارة الداخلية للحصول على رخصة بندقية صيد بلغ 50 ألف مطلب». واعترف الوزير بأن « الإدارة لديها سلطة تقديرية واسعة في ما يتعلق بإسناد رخص حمل السلاح، خاصة أن التزايد المتواصل في عدد المطالب أصبح يلفت الانتباه لذلك تسعى الوزارة قدر الامكان الى تسوية هذه الملفات مع مراعاة الوضع الامني»، مضيفا أن «هنالك تجاوزات وهنالك تدخلات في مجال إسناد رخص حمل السلاح». فماذا يقول القانون؟ جاء في القانون عدد 33 لسنة 1969 مؤرخ في 12 جوان 1969 المتعلق بضبط توريد الأسلحة والاتجار فيها ومسكها وحملها « ان حمل الأسلحة من الصنف الأول ونقلتها بدون موجب شرعي محجر غير أنه يمكن للعسكريين التابعين للجيوش البرية والبحرية والجوية حمل أسلحتهم طبقا للشروط المضبوطة حسب التراتيب الخاصة بهم. إذ يمكن تسليح موظفي وأعوان الإدارات العمومية المستهدفين بحكم وظائفهم إلى خطر السطو وذلك أثناء قيامهم بمهامهم وحسب الشروط التي سيقع ضبطها بمقتضى أمر و يحجر حمل ونقل الأسلحة من الأصناف الثاني والثالث والرابع إلا في صورة الحصول على رخصة في إحدى الحالات الثلاث المنصوص عليها بالفصل السادس عشر من هذا القانون. كما بين هذا القانون ان رخص حمل الأسلحة التي يمكن منحها تنقسم إلى ثلاثة أصناف: الرخصة المتعلقة بالأسلحة من الصنفين الثاني والرابع لا تمنح إلا بصفة استثنائية من طرف مدير الأمن الوطني و الرخصة المتعلقة بالأسلحة من الصنف الثالث يسلمها والي الجهة التي يقطن بها طالب الرخصة طبقا لمقتضيات الفصل 161 من مجلة الغابات ورخصة الحراسة المسلحة وتمنح من طرف مدير الأمن الوطني إن كان السلاح من الصنف الثاني أوالوالي إن كان السلاح من الصنف الثالث. وتسلم هذه الرخصة باسم المؤجر وتحت مسؤوليته. ويمكن بمقتضاها تسليم السلاح لحراس الممتلكات الريفية أوالعمرانية.وإن رخص حمل الأسلحة من الأصناف الثاني والثالث والرابع تسلم لمدة معينة لا تتجاوز العام الواحد. ويمكن تجديدها. وتضبط كيفيات منح هذه الرخص بقرار من كاتب الدولة للداخلية. ومع صرامة هذا القانون فإن بعض الخبراء يقدرون عدد قطع السلاح غير المرخص فيها والتي يمسكها المواطنون يقدر بمائة وخمسين الف قطعة والخطر من ذلك أن هناك من أخضع اسلحة خفيفة الى اصلاحات بتوسيع الفوهة او تدعيم المدى ومعدل الرماية على ان المشكل الاهم هوذلك المتعلق بالتكوين والتدريب. نواد للفقراء وأخرى للأغنياء رغم ان القانون المتعلق بالأسلحة في تونس حدد العديد من الشروط في مسكها واستعمالها الا ان موضوع التدريب على الرماية وتأطير الصيادين لازال غامضا. وتشوبه العديد من الاشكالات. ومع بداية الاستقلال، عملت الدولة على بعث العديد من النوادي تسمى بنوادي الصيادين كانت مهمتها التأطير وتوجيه الصيادين ومدهم بالمعلومات المتعلقة بموسم الصيد وبالأنواع الحيوانية التي يسمح اويمنع صيدها اضافة الى مراقبة نوعية الاسلحة الا ان الفوضى عمت هذه النوادي بعد سنة 2011. وبتنا نتحدث عن تجمعات عشوائية للصيادين بلغ عددها اكثر من 112. وهي اشباه نواد تقوم على اسس طبقية. وباختفاء نوادي الصيد الرسمية، تعددت حوادث القتل في رحلات الصيد بسبب غياب التأطير والتثقيف والتكوين والتدريب على الرماية. بل إن انواعا حيوانية عديدة باتت مهددة بالانقراض جراء عدم احترام القانون والصيد خارج التواريخ المحددة من الجهات الرسمية.