لاشك في أن نجم الترجي يوسف البلايلي يملك عزيمة من حديد ليرجع إلى الواجهة ويُعانق المجد بعد أن توقّع الكثيرون أن يُصبح نسيا مَنسيا بسبب فضيحة «الكُوكايين». هذه «المِحنة» الكبيرة لم تمنع البلايلي من تحقيق النجاح ب»مريول» الترجي فضلا عن افتكاك مكان في تشكيلة منتخب الجزائر المُزدحم ب»النجوم». وقد تألق يوسف بشكل لافت في ال»كَان» (سجّل هدفين وتمّ ترسيمه ضمن التشكيلة الاحتياطية للدّور الأوّل). كما سيطر البلايلي أيضا على اهتمام القطريين الذين وعدوهم بعقد ضخم إذا وافق على الانتقال من تونس إلى «الدّوحة». عودة من بعيد اعترف ابن وهران ب»جريمته» وفعل المُستحيل للتكفير عن ذنبه. ولم يكن من الهيّن طبعا العودة إلى الأضواء بعد انهالت عليه سِهام النّقد من كلّ حدب وصَوب. الخُطوة الأولى وهي الأصعب تمثّلت في تفادي الإنهيار والتمسّك بحبل الأمل. وقد صارع البلايلي الظروف والقانون لينجح في تخفيف العُقوبة المسلّطة عليه من أربع سنوات إلى عامين فحسب. وجاء قرار التخفيف الصّادر على محكمة التحكيم الرياضية (التاس) ليُعيد له «الحَياة» بعد أن كان قاب قوسين أوأدنى من «تعليق الصبّاط» وهو في أوج العَطاء وعزّ الشباب. المَعركة الثانية التي خاضها البلايلي تتمثّل في المُحافظة على لمسته الفنية ولياقاته البدنية رغم بطالته الإجبارية لمدّة 24 شهرا. وبعد عامين من الصّبر والإنتظار كان لِزاما اقتلاع عقد عمل مع فريق لا يهتمّ بالنّبش في مَاضيه ولا يُطالبه بالبطاقة عدد 3 لحظة الإمضاء. وقد وجد يوسف ضَالته في «أنجي» الفرنسي ليحصل على شهادة ميلاد جديدة وفي سيناريو ليس بالغريب عن عالم الكرة الذي شهد قِصصا مُماثلة نستحضر منها على سبيل الذِّكر لا الحَصر حادثة ايقاف النجم الكبير «باولو روسي» الذي قاد الطليان إلى التربّع على العرش العالمي في 1982 بعد أن كان قد واجه السّجن لتورّطه في قضية الرّهانات الشّهيرة (التوتونيرو). الترجي محطّة فَارقة بعد «تَبييض» سِجلاّته في فرنسا والنّجاح في كسر الحَاجز النفسي الناجم عن قضية المنشّطات، كان البلايلي في حاجة إلى تجديد العهد مع الترجي بحثا عن البطولات والكؤوس. وقد تحمّس الفريق التونسي بدوره لعقد «الصّفقة المُثيرة» لإيمانه الرّاسخ بقدرة ابن وهران على تقديم اضافات نوعية للخطّ الأمامي. وقد تمّت العملية وسط صخب كبير بما أن شقّا من الأنصار شكّكوا في قدرة يوسف على استعادة مردوده المعهود. وهُناك من جاهر بتحفّظه على «الصّفقة» بسبب «سَوابق» اللاعب الذي راهن من جديد على قوّة شخصيته ليدخل قلوب «المكشخين» عبر مهاراته الكبيرة واسهاماته الواضحة في تكديس الألقاب في مُقدّمتها «الشُومبيانزليغ» التي كان البلايلي قد عاش أحزان ضياعها مع ترجي نبيل معلول في 2012. وشكّل الترجي محطة فارقة في مسيرة البلايلي الذي استفاد من الصّيت الكبير لنادي «باب سويقة» ليحصد الألقاب ويحجز مقعدا في منتخب الجزائر هذا فضلا عن الظّفر بعروض كبيرة من الخارج. وهُناك معلومات شبه مؤكدة عن رغبة «السدّ» القطري في الحصول على توقيعه مُقابل 6 مليون دولار أي ما يُعادل تقريبا 17 مليارا بالعُملة التونسية. ومن الواضح أن يوسف مُتحمّس لخوض تحدّ جديد حيث قال بعد فوز الجزائر على غينيا في مُنافسات ال»كان» إن بقاءه في الترجي صعب. ويبدو أن تواجد مواطنه بغداد بونجاح في صفوف «السدّ» قد يُشكّل حافزا اضافيا للإحتراف في هذا الفريق دون سواه. الجَدير بالذِّكر أن يوسف مُرتبط مع الترجي بعقد ينتهي في 2020 وكان اللاعب الجزائري قد أكد في جُلّ خطاباته أنه يدين بالكثير للفريق التونسي بعد أن صنع شهرته وفتح له باب المجد.