بَعد رحلة قطر المُنتهية بلقب «صَغير» وصَخب كبير، طار الترجي إلى الجزائر لمُواجهة قسنطينة في إطار الدّور ربع النهائي لرابطة الأبطال وهي «سيّدة» الأمنيات في مركب المرحوم حسّان بلخوجة. وكان الترجي قد عاد من «الدّوحة» القطرية ب»السُوبر» التونسي مُقابل ضَياع «السُوبر» الإفريقي على يد الرجاء وقد تسبّبت هذه الخَسارة في احتقان كبير في صُفوف «المكشخين» ولم يَكتم شق منهم غَضبه الشديد على اللاعبين والفنيين بقيادة معين الشعباني. وما بين خَيبة «السُوبر» الإفريقي ورحلة الجزائر عاشت العائلة الترجية فَرحة «صَغيرة» ب»السُوبر» التونسي ولاشك في أن هذا المكسب على تواضع شأنه من الناحيتين الرياضية والمَالية منح شيخ الأندية جُرعة أوكسيجين قد تُساعده على مُلاقاة قسنطينة بعزيمة في قوّة «الصّخر» الذي تشتهر به هذه المدينةالجزائرية. ومن المُؤكد أن الترجي سيفعل المُستحيل ليُعزّز اللّيلة مسيرته الوردية في رابطة الأبطال الإفريقية وفي سبيل طَمأنة جماهيره بعد أن تسلّل إليها الشك على خَلفية الهزيمة المُوجعة أمام الرجاء وما سبقها ولحقها من تَحاليل فنية و»حَملات» شعواء على بعض «النُجوم» الترجية وقائدهم معين الشعباني العَارف بمصدر «الضّربات الفايسبوكية» والعَالم أيضا بأن العمل في الحديقة «ب» أشبه بالسير في رِمال مُتحرّكة حيث لا بقاء إلاّ ل «الوَاقف»: أي المدرب المُتعاقد مع الألقاب و»المُقاطع» للفَشل. وسيكون اللّقاء المُكرّر أمام قسنطينة من الاختبارات الصّعبة وربّما من الإمتحانات المُحدّدة لمُستقبل الإطار الفني الذي لا يحتاج إلى من يُذكّره بأن رابطة الأبطال «خطّ أحمر» في صُفوف الجماهير الترجية التي قد تَقبل على مَضض خسارة كأس «السُوبر» الإفريقي لكنّها لن «تَتسامح» مع فريق الشعباني إذا «خَذلها» في «الشُومبيانزليغ». وبناءً عليه فإنه لا خَيار أمام الترجي سوى اجتياز «الجُسور المُعلّقة» لمدينة قسنطينة والعَودة إلى تونس بالإنتصار أوعلى الأقل التعادل وهو ما يفتح له باب الترشّح إلى المُربّع الذهبي ومُواصلة الدفاع عن عَرشه الإفريقي. المَهمّة ليست بالسّهلة ولا المُستحيلة بما أن الترجي قادر على تحقيق المطلوب في الجزائر شرط التعامل الجيّد مع المُنافس. ويملك شيخ الأندية «أسلحة» قويّة في الهُجوم في ظل وجود الخنيسي والبدري والبلايلي الذي «سَرق» الأضواء في الرحلة الخليجية. كما أن الترجي له «سوابق» معروفة في عُبور أصعب وأشرس الجمعيات الإفريقية والعربية بما في ذلك الأندية التي تدّعي «الحَصانة» في ملاعبها كما هو شأن «صن داونز» الجنوب - إفريقي وسطيف الجزائري الذي لم يُنقذه ميدان «النَار والإنتصار» من الإنهيار أمام «المَاكينة» الترجية في يوم عَالق في ذِهن «المكشخين» ولاعبهم وجدي بوعزي. وهُناك حافز آخر مُهمّ في لقاء الليلة ضدّ قسنطينة وهو رغبة اللاعبين ومدربهم معين الشعباني في الردّ على القَادحين والمُشكّكين في قدراتهم على خَلفية السُقوط المُؤلم أمام الرجاء وغياب الأداء في أكثر من لقاء (مُباراة الكأس أمام جربة نَموذجا). قُلنا إن الأماني الترجية في الأراضي الجزائرية مُمكنة لكنّنا نُقرّ في الوقت نفسه بصعوبة المَأمورية بالنّظر إلى عدة اعتبارات موضوعية في مُقدّمتها الحَرارة التي تُميّز «الدِربيات» المَغاربية حتى وإن اجتاحتها عاصفة برد وأمطار كتلك التي تعرفها قسنطينة المُراهنة على عاملي الأرض والجمهور لمُباغتة «المكشخين» وتأكيد مَسيرتها المُحترمة في رابطة الأبطال حيث أن «السّنافر» كما يُسمّيهم الأشقاء يتواجدون للمرّة الأولى في الدور ربع النهائي للكأس الأغلى والأقوى في برّ القارة السّمراء. وكان الفريق الجزائري قد بلغ هذا الدور المُتقدّم بعد عشر مُواجهات لم ينحن خلالها «شباب» قسنطينة إلاّ في مُناسبتين: الأولى كانت داخل القواعد وعلى يد النادي الإفريقي والثانية في «لُوبومباشي» وهو ملعب «مازمبي» المُنهزم شرّ هزيمة في زيارته إلى قسنطينة (3 مُقابل 0). خُلاصة القول تبدو رحلة الترجي إلى الجزائر محفوفة بالمَخاطر لكن ثقة الجمهور كبيرة ليجتاز سفير تونس هذا الاختبار بنجاح قبل حسم الأمور بصفة نهائية في مباراة الإيّاب على أرضية رادس. دُعاؤكم بالتوفيق للترجي ولكلّ فريق أومنتخب تُونسي يُصارع في الخارج لتحقيق مكسب يُسجّل بإسم هذا البلد «الوَاقف» رغم الداء والغَلاء وهو «الكَابوس» الذي يُحاصر الشعب في يقظته ويُفسده عليه نومه وقد تكون الكرة «المُتنفّس» الوحيد للنسيان ولو لمدّة تسعين دقيقة.