تحدثنا في الجزء الاول عن جزيرة الاحلام، جزيرة التعايش وجزيرة المساجد والمتاحف، وعرجنا عن الهندسة المعمارية التي تعكس فلسفة الحياة لدى الجرابة ونواصل التعريف باهم مكونات الجزيرة : المنزل تحدث الكثيرون على جمال وروعه جزيرة جربة كواجهة سياحية فريدة ولكن لم ينصفوها بالحديث على جمال العمارة فيها، حيث أنها تحتوي على نمط فريد من المعمار رغم تطور الحياة الحضارية الا انها نجحت في الحفاظ على خصوصيتها. فالمنزل في جزيرة جربة يطلقون عليه اسم «الحوش» وهوعبارة على عدة غرف يجمعه فناء واحد محاط بأرض مزروعة نخيل وزيتون واشجار مثمرة. فالمنزل لا يزال العديد من سكان جزيرة جربة يحتفظون به ويحتفظون معه بوحده العائلة ن الهندسة التي يتميز يها فن العمارة في جربة، تُعتبر بسيطة ونقية فلا يوجد فيها اى نوع من التفاخر ، اذا لا يوجد هندسة على الجدران. عادات وتقاليد مشتركة رغم الاختلاف رغم تعدّد الديانات والأعراق في جربة التي يعود تاريخها إلى عصور ما قبل التاريخ، فإن المجتمع الجربي يتميّز بعادات وتقاليد مشتركة طغى عليها الطابع العربي الإسلامي، ففي الأكل مثلا، تمثل الشرمولة والسمك المقلي الأكلة الرئيسية يوم عيد الفطر لسكّان جربة، والشرمولة هي عبارة عن مرق البصل والطماطم والفلفل الأحمر والزيت والملح. أما السمك فيقلى بالكركم والكمون والملح قبل العيد بيوم واحد وتؤكل شرمولة جربة بخبز أصفر اللون يسمى كسرة يصنع من الفارينة، وفي سائر الأيّام يكون الكسكسي المصنوع من القمح الصّلب الّذي يتمّ طهيه بالبخار مع مرق متكوّن من زيت الزّيتون والبصل والملح والهريسة وبعض التّوابل والخضر. البربورة على الرغم من كونها جزيرة سياحية بمواصفات عالمية فإن جربة ظلت وعلى مر القرون والسنين محافظة على روحها وتقاليدها المتوارثة عن الأجداد والآباء الغارقة في المحلية والتي تعكس خصوصية وتفرد المجتمع الجربي حتى إن بعضها وخاصة تلك التي تمارس في الأعراس والأفراح تكاد تكون غير معروفة خارج أسوار رقعة هذه الجزيرة وهي تقاليد وخصوصيات لا تخلومن الطرافة والغرابة في آن واحد فالاحتفال بهذا الحدث على الطريقة الجربية يمتد على مدى أسبوع بأكمله منها ما يعرف «بيوم البربورة» وفيه يطوف العريس مع افراد اسرته حول زيتونة تكون على ملكهم أوملك أقاربهم وبعد الطواف تضع أمه تحت قدميه بيضة يقوم بدهسها وذلك درءاً للسحر والنحس حسب اعتقاد أهالي جربة كما ان الجحفة اوالهودج لازال الى اليوم يستعمل لدى بعض العائلات الجربية وهوهودج العروس المصنوع عادة من خشب الجداري يربط على ظهر جمل قوي ويغطى بأردية ملونة وبعد غروب الشمس ترسل «الجحفة» أوالهودج إلى بيت العروس لتنقل إلى بيت زوجها محفوفة بأقاربها وعدد من أقرباء العريس تتقدمهم فرقة موسيقية تقليدية مكوّنة من نافخي الزكرة وناقري الطبل والذين يسمون ب «الطبالة». قلالة تُعد قلالة واحدة من أهمّ القُرى الّتي تقوم بتصنيع الفخّار بمختلف أحجامه وألوانه ازدهرت فيها التجارة منذ القرن 12 ق.م. اي عند نزول «الفينيقيين» الفينيقيين الّذين قدموا من مدينتي صور وصيدا فانتشرت انذاك صناعة الفخّار وصناعة الأرجوان ولاهمية هذه الحرفة فان القائمين على القطاع الثقافي والسياحي ينظمون سنويا مهرجان الفخار، وبقلالة متحف للفنون التقليدية تأسس سنة 2002 وهويُجسد تفاصيل الحياة الجربية وأهم ما يميز الجهة وعاداتها. فيه تفاصيل عن الزواج الجربي يجدها الزائر لمتحف قلالة، تُروى بمحاكاة دقيقة عبر صور ومجسمات وحتى من خلال استحضار بعض الملابس التقليدية وغيرها من المتاع ذات العلاقة بالعرس الجربي لزائر المتحف يمكنه اكتشاف جوانب أخرى من الحياة الجربية انطلاقًا من عملية ختان الأطفال وطرق المداواة بالأعشاب الطبيعية وقراءة الكف والأشغال اليدوية كالحياكة والسيكاجة وصناعة الحصير والطريقة التقليدية في عصر الزيتون وصيد الأسماك وطريقة إعداد الأكلات الشعبية. ويعتبر المتحف من أكبر المتاحف الفنية في تونس إذ تقدر مساحته المغطاة بأربعة آلاف ومائتي متر مربع.