تونس 30 ديسمبر 2009 (وات/ تحرير سهيلة العيفة) رحلة في اعماق حضارة زاخرة بتراث خصب يرويه تاريخ جزيرة تعاقبت عليها الحضارات لتجعلها جزيرة الاحلام هذه الرحلة أمنتها وكالة احياء التراث والتنمية الثقافية من خلال تنظيم يوم /أبواب مفتوحة/ بمتحف التراث التقليدى بجربة يوم الثلاثاء 29 ديسمبر للتعرف عن قرب على ثراء المخزون الحضارى بهذه المدينة. وقد استطاع هذا المتحف بمكوناته الاثرية المتنوعة نقل ملامح دقيقة للتراث الجربي وملامسة الواقع المعيش بالجزيرة فهو يفتح لزواره بابا على تاريخ حياة سكان هذه الجهة من خلال مشاهد تراثية لكل اطوار الحياة اليومية وكيفية تطويع أهل الجزيرة للطبيعة خدمة لاغراضهم الحياتية. ورغم صعوبة التاقلم مع معطيات مناخية فرضتها طبيعة الحياة في جزيرة الا ان الجربي توصل الى توفير منتوج فلاحي قائم على زراعة الزياتين والنخيل وهو ما تجسد في الفضاء الاول للمتحف الذى خصص لابراز خصائص الحياة الزراعية في الجزيرة حيث اعتمد السكان على عدة وسائل فلاحية مثل المحراث التقليدى والمحراث الجاموسي لتقليب الارض ولجرش الزيتون كان السكان يستعملون معاصر لولبية. ويحيل اللون الازرق في الفضاء الموالي على البحر الذى مثل الافق الثاني لسكان الجزيرة الذين استعملوا قوارب خاصة لصيد الاسفنج ومختلف اصناف السمك ليتم بيعه على طريقة /الشك/ او المزايدة كما تبين ذلك في الصور والمجسمات والشاشات الموجودة في هذا الفضاء. وتتواصل الرحلة ليصل الزائر الى معرض الفخار بالمتحف حيث ظلت جربة ولقرون عدة المركز الوحيد لصناعة الفخار في الجنوب التونسي وتميزت بانتاج مجموعة كبيرة من الادوات المنزلية على غرار الجرة الكبيرة والاواني الصغيرة ولاستعراض اهم المراحل التي تمر بها هذه الصناعة الحرفية تواجد في هذا الفضاء حرفي مختص في اعداد الفخار يقوم بتدليك وتشكيل الطين ليصنع اواني ومحابس فخارية بلمسة ابداعية. وللتعريف بالنمط الغذائي بجربة تم عرض ركن من المطبخ الجربي التقليدى احتوى على ادوات مطبخية كان اهل الجزيرة ولازالوا يستعملونها في الطبخ من بينها /الرحى العربي/ والخابية وقد اشتهر اهالي جربة باعداد اطباق شهية ومفيدة للصحة على غرار /المشلوش بالوزف/ و/محمصة بالعصبان/ و/كسرة مرفوسة/ و/الزميطة دردورة/. ويعد اللباس التقليدى الجربي من ابرز مميزات هذه الجهة حيث حافظ اهل الجزيرة على ارتدائه في حياتهم اليومية وفي المناسبات وحسب النماذج المعروضة في رواق اللباس التقليدى بالمتحف فان نوعية الاقمشة والتصاميم تختلف من منطقة الى اخرى فسكان حومة السوق يحرصون على ارتداء /اللحفة/ وهي عبارة عن لحاف يشد على يسار الصدر واستعمال قبعة عريضة للراس في حين يلبس متساكنو ميدون هذا اللحاف ايضا بطريقة بسيطة وبلون واحد /الابيض/ دون ارتداء قبعة. أما في المناسبات فتلبس العروس الجربية /البسكرى/ وهو لباس موشى بالخيوط الفضية وتتزين بانواع من الحلي مثل /المحبوب/ وهو عبارة عن صفان لقطع من الذهب تثبت فرق شريط اسود على الراس وتتدلى على الجانبين و/الوشوش/ وهو عقد من قطع ذهب مرصفة يلبس في العنق و/السمسم/ الذى يوضع على الصدر. فقد شكل المتحف التقليدى بجربة بكل فضاءاته ومحتوياته روءية عميقة للتراث الجربي من خلال طرح عينات واضحة تعطي للزائر فكرة على تاريخ الجزيرة وتدفعه للغوص في اعماقه لاستكمال معرفته. ويعد هذا المعلم الذى تم تدشينه يوم 17 ديسمبر 2008 في اطار المشاريع المنجزة ضمن برنامج التعاون الدولي مع البنك العالمي بهدف احياء التراث الثقافي وصيانته جزءا من مشروع متكامل لتطوير المنظومة المتحفية ودعم السياحة الثقافية في تونس. وفي هذا السياق أوضح السيد عبد الحي المزوغي المدير العام لوكالة احياء التراث والتنمية الثقافية خلال لقاء صحفي انعقد في اطار يوم /ابواب مفتوحة/ أنه تم وضع استراتيجية شاملة لتنشيط السياحة الثقافية في تونس تمتد على خمس سنوات وشكلت وزارة السياحة لجنة لتقييم هذه الخطة ومتابعتها في كامل مراحلها. وابرز انه بالتنسيق مع هذه الوزارة سيتم اعداد بوابة الكترونية للتعريف بالمواقع الاثرية والمتاحف في تونس نظرا للدور الهام الذى تضطلع به السياحة الثقافية في اضفاء حركية على الموسم السياحي على امتداد السنة وعدم الاقتصار على السياحة الشاطئية. كما أفاد ان الوكالة تعمل على ترسيخ الثقافة التراثية والتعريف بالقيمة الحضارية للمتاحف لدى الناشئة من خلال توزيع نشريات على تلاميذ المدارس لحثهم على الاطلاع على المخزون التراثي مشيرا الى ان الخطة الترويجية للتعريف بالتراث تشمل كل الجهات الى جانب تنظيم ورشات وانشطة في المتاحف فضلا عن اقامة معارض موءقتة لدعم وتنويع المشهد المتحفي في تونس ولتكون المتاحف فضاءات ثقافية وترفيهية في ان واحد. وتندرج تظاهرة /ابواب مفتوحة/ بمتحف التراث التقليدى بجربة التي افتتحها السيد مراد بن جلول والي مدنين ضمن رؤية استشرافية لتطوير السياحة الثقافية كمنتوج اضافي يدعم المنتوج السياحي في تونس ويساهم في تنشيط الدورة الاقتصادية ليكون التراث منظومة تنموية تجمع بين البعدين الاقتصادى والاجتماعي.