تنطلق بعد غد الاثنين آجال الترشح للانتخابات التشريعية وسط توقعات بأن تشتد المنافسة خاصة في ظل ما تتيحه عضوية البرلمان من سلطة حقيقية في النظام السياسي الحالي. تونس – الشروق – طيلة الفترة الماضية تركز اهتمام عدد من السياسيين على الانتخابات الرئاسية. حيث بادر بعضهم الى اعلان نية الترشح. وخطط آخرون للإعلان عنها في الايام القادمة او عند فتح باب التّرشح بصفة رسميّة . لكن بالتوازي مع ذلك أبدى بعض السياسيين والأحزاب في المدة الأخيرة اهتماما كبيرا بالانتخابات التشريعية بالنظر الى ما يتيحه الفوز فيها من ممارسة حقيقية للسلطة. سلطة حقيقية مردّ ذلك وفق المتابعين هو أن الانتخابات التشريعية هي الطريق الأفضل لممارسة السلطة الحقيقية. فهي تمكن من الحصول على مقعد في السلطة الأهم في النظام السياسي الحالي. وهو البرلمان وأيضا امكانية تولي رئاسته أو تولي خطة نائب رئيس اول أو ثان. وتُمكن من عضوية وترؤس احدى لجانه التي تلعب دورا هاما في سن النصوص القانونية والمعاهدات واتفاقيات القروض التي تحصل عليها الدولة وفي مراقبة ومساءلة السلطة التنفيذية وفي انتخاب أعضاء المؤسسات الدستورية وتزكية الحكومة.. كما أن رئيس البرلمان له سلطة معنوية كبرى. حيث يتشاور معه رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة في عديد المسائل. وينص الدستور على ضرورة اعلامه عند اتخاذ القرارات الهامة.. ترشح الغنوشي إلى جانب أهمية البرلمان وقوته في النظام السياسي الحالي، فإن ما تردد مؤخرا حول ترشح رئيس النهضة راشد الغنوشي على رأس قائمة الحركة بدائرة تونس 1 وما رافقه من تأويل حول تخطيطه لرئاسة البرلمان زاد في التأكيد على أهمية السلطة التشريعية وفي تحمّس السياسيين والاحزاب للمشاركة بقوة في هذا الاستحقاق الهام. فتخطيط النهضة – بوصفها الأكثر خبرة حزبية ودهاء سياسيا – للفوز في هذه الانتخابات ولرئاسة المجلس - في رأي السياسيين والأحزاب- لم يكن من فراغ. وكان مدروسا. وجاء للتأكيد على قوة البرلمان كسلطة أصلية في البلاد بالنظر الى النظام السياسي المعتمد. وهو النظام شبه البرلماني. وهو ما قد يكون دفع بعديد السياسيين والأحزاب نحو مزيد الاهتمام طيلة الأسبوع المنقضي بالتحضير أكثر بالتشريعية بعد أن عدّلوا بوصلتهم طيلة الفترة الماضية على الرئاسية... فترشح الغنوشي على رأس إحدى قائماتها قد يزيد في حظوظها لتولي رئاسة البرلمان مثلما حصل إبان انتخابات 2014 عندما فاز نداء تونس وآلت رئاسة المجلس اليه. وهذا المعطى قد تأخذه بقية الاحزاب بعين الاعتبار. وتدفع بالأسماء البارزة فيها للترشح على رؤوس قائماتها حتى تقدر على المنافسة الحقيقية للنهضة على عدد المقاعد ومنافسة الغنوشي على رئاسة المجلس. مواصفات لا يكفي الأحزاب مجرد الترشح للانتخابات الرئاسية. بل يجب أن تختار الشخص المناسب ليقدر على المنافسة الفعلية لبقية المترشحين من الأحزاب الاخرى ولتقع الاستفادة منه داخل البرلمان على الوجه الأفضل بالنسبة الى الحزب والبلاد بشكل عام. وكل ذلك يؤكد ضرورة توفر مواصفات معينة في نواب المستقبل خصوصا أن تجربة البرلمان الحالي وُصفت طيلة السنوات الماضية بالمتواضعة. حيث كان عمله منقوصا على عدة مستويات. وشوّهته ظاهرة السياحة البرلمانية وظاهرة الغيابات وأحيانا الانتهازية لدى بعض النواب والفشل في خدمة مصالح الناخبين وانتظاراتهم ( المواطنين) إلى جانب التعطيلات التي تسبب فيها على مستوى سن النصوص القانونية الضرورية وعلى مستوى إرساء الهيئات الدستورية والمحكمة الدستورية وكذلك على مستوى ممارسة العمل الرقابي الحقيقي على الحكومة والتكريس الحقيقي للديمقراطية. دور الناخب يبقى دور الناخب هو الأهم في نظر المُختصين لأن الاختيار النهائي سيكون بين يديه. وهو ما يؤكد ضرورة الانتباه بالنسبة للناخبين يوم التصويت حتى تكون اختياراتهم في محلها. ويتم التصويت لمن تتوفر فيهم مواصفات النزاهة ونظافة اليد والقدرة على خدمة الصالح العام وعلى تحقيق الوعود الانتخابية. وكل ذلك حتى لا يتكرر صعود برلمان آخر تكون مشاغل واهتمامات الشعب آخر اهتماماته ويكون نوابه منشغلين بالصراعات وبالحسابات السياسية وبالسياحة الحزبية وبخدمة مصالحهم الضيقة على حساب مصالح الناس وحتى يُردّ الاعتبار الى هذه السلطة الهامة ويتم اعطاؤها أهميتها ومكانتها الحقيقية في النظام السياسي الحالي الذي يرتكز على البرلمان كسلطة أصلية. أبرز المآخذ على البرلمان الحالي - ظاهرة الغيابات المتكررة - السياحة البرلمانية والحزبية - تعطيل سن بعض القوانين الضرورية للاصلاح - تعطيل إرساء المحكمة الدستورية والهيئات الدستورية - خدمة المصالح القطاعية الضيقة التي ينتمي اليها بعض النواب - عدم وجود مراقبة حقيقية وناجعة للسلطة التنفيذية - نقل الصراعات الحزبية الى قبة البرلمان بدل حلها على مستوى قيادات الأحزاب. مواصفات مطلوبة في البرلماني القادم - الخبرة والدراية بالعمل السياسي وبالشأن العام - النزاهة ونظافة اليد - التفرغ قدر الامكان للعمل البرلماني تفاديا لظاهرة الغيابات - عدم تعطيل القوانين والاصلاحات المطلوبة - التركيز على مشاغل الشعب واهتماماته بدل المصالح الضيقة لعب دور حقيقي في مراقبة السلطة التنفيذية - بذل جهود أكبر في اقتراح الحلول والبدائل من خلال التقدم بالمبادرات التشريعية