شهدت الأيام الأخيرة من فترة تقديم الترشحات للانتخابات التشريعية القادمة مظاهر سيّئة في السياحة الحزبية، حيث فاجأ الكثير من السياسيين، ومنهم من له صفات حزبية وبرلمانية راهنة، بتواجدهم على رأس قائمات لاحزاب أخرى أو بصفة مستقلة. ومن أغرب ما تمت ملاحظته هو تقدم رئيس كتلة نداء تونس البرلمانية سفيان طوبال على رأس قائمة قفصة لحزب قلب تونس، وهو أمر على غاية من الغرابة وفيه الكثير من الاستهتار ناهيك وأنّ طوبال يحضر في المجلس ويشارك في اجتماع مكتب رئاسته بصفته رئيسا لكتلة نداء تونس. كما انتشر أمس خبر ترأس النائب حافظ الزواري، وهو عضو في كتلة الإتلاف الوطني وقيادي في حزب تحيا تونس، لقائمة حزب البديل التونسي في جهة سوسة، كما تقدّم رجل الأعمال المعروف رضا شرف الدين وهو أحد مؤسسي نداء تونس على رأس قائمة حزب قلب تونس في دائرة سوسة. وينتظر أن يتم الكشف عن العديد من المعطيات والحقائق الأخرى بعد الإعلان عن جميع القائمات المترشحة. ميركاتو انتخابي لافت للأنظار، ومن الثابت أنه ميركاتو بغاية التموقع والبحث عن فرصة للتواجد في البرلمان القادم، وهو ميركاتو مصالح بالضرورة ولا يمكنه أبدا أن يكون عنوان وعي سياسي رفيع واحترام للناخبين الذين يكتشفون بسرعة مثل هذه الألاعيب التي تزيد في تنفيرهم من الأحزاب والعمل السياسي عموما. كما أنّها ظاهرة تؤكد هذا الهوس المرضي الذي أصاب جزءا كبيرا من النخبة السياسيّة وجعلهم لا يفكرون الا في أقصر الطرق وأيسر السبل للبقاء على الكرسي والمحافظة على مواقعهم في مجلس النواب، وبذلك فهم يرسخون ثقافة السياحة الحزبية والسمسرة ولعبة لوبيات المصالح ويحولون الممارسة السياسية عن أبعادها النبيلة في تصعيد الكفاءات وغرس قيم الشفافية والنزاهة وتثبيت مبادئ خدمة الشأن العام ونفع الناس، يحولونها الى مطية لتحقيق طموحات وأهواء شخصية ضيقة. ولكن الناخب التونسي أصبح أكثر خبرة في فرز الغث من السمين والجيد من الرديء، ولا شك في أنّ عملية التصويت ستثبت انتصار الكفاءات وأصحاب المشاريع والبرامج لا أصحاب الأطماع والمصالح الضيّقة.