اصدرت وزارة التربية في 23 من جويلية منشورا داخليا وجه الى المندوبيات الجهوية يمنع المدرسين من الجمع بين التدريس في التعليم العمومي والتعليم الخاص من الابتدائي الى الثانوي وتضمن المنشور تهديدا بالعقوبات للمؤسسات المخالفة وللمدرسين. وتعتبر الوزارة ان الغاية من هذا المنشور هو الحد من بطالة اصحاب الشهائد العليا حديثي التخرج ولئن كانت النوايا تبدو حسنة فان هذا الاجراء الاحادي الذي تسرعت الوزارة في اتخاذه سيكون له عواقب وخيمة على اهم اركان العملية التربوية وهو التلميذ اذ لا يخفى على احد ان هذه المؤسسات الخاصة عادة ما تلتجئ الى مدرسي التعليم العمومي في السنوات النهائية التي تتطلب خبرة ودربة وقدرات معرفية وبيداغوجية خاصة تتراكم لدى المدرس من خلال الاحاطة البيداغوجية والممارسة الطويلة وحضور الحلقات التكوينية وكل هذه الخصائص مفقودة لدى المتخرجين حديثا مما سيضر بمصلحة التلاميذ ويجعل حظوظهم اقل من سائر تلاميذ المعاهد العمومية. ثم ان نسبة كبيرة من المؤسسات التربوية الخاصة تعيش اوضاعا مادية متردية تمنعها من انتداب اساتذة قارين وبالتالي فان هذا القرار سيزيد من مفاقمة ازمتها كما قد يهدد عددا كبيرا منها بالغلق بعد العزوف الذي ستشهده اذ ان نسبة كبيرة من التلاميذ يرسمون بها بفضل انتدابها لبعض الاساتذة الاكفاء ذوي السمعة الجيدة في التعليم العمومي ولعل رفض جمعية الاولياء لهذا المنشور يؤكد إمكانية اغلاق نسبة كبيرة من المؤسسات الخاصة ابوابها بسبب عجزها عن الانتداب مما قد يفتح المجال واسعا امام المؤسسات الكبرى التي تمتلك امكانيات ضخمة تمكنها من انتداب اساتذة وتكوينهم بيداغوجيا. ومن هذا المنطلق يتضح ان هذا الاجراء المتسرع واحادي الجانب سيخلق ازمة كبيرة في هذا القطاع ستعصف بحظوظ نسبة كبيرة من التلاميذ. ويشار انه كان من الاجدر دراسة هذا الملف بطريقة معمقة وجماعية باشراك جميع الاطراف المتداخلة للوصول الى برنامج اصلاحي متكامل يقوم على التدرج حتى تحقق هذه المؤسسات استقلاليتها البيداغوجية والمادية فالقرارات المتسرعة الاحادية لا يمكنها باي حال من الأحوال ان تشكل حلا للمعضلات التي تعاني منها منظومتنا التربوية والسؤال المطروح الى متى ستظل منظومتنا التربوية رهينة قرارات مسقطة لا صلة قبل إقرار بإصلاح تربوي شامل تبدو مدارسنا في اشد الحاجة اليه؟