مات شكسبير بعد شهر واحد من كتابة وصيته التي شغلت ثلاث صفحات كل منها ممهورة بتوقيعه، ولا يوجد بها ذكر لأي كتب أو أوراق ضمن الممتلكات الْمزمع توزيعها. وقد اشتهرت الوصية شهرة واسعة بسبب غرابة أحد بنودها وهو "أهب زوجتي ثاني أفضل أَسِرَّتي مع الأثاث"، فقد اعتبر البعض في هذا البند دليلا على كراهية شكسبير لزوجته، وقيل إنها حملت منه قبل الزواج فابنته سوزانا ولدت بعد أقل من ستة أشهر من الزواج، كما أنها كانت تكبره بثماني سنوات، كانت تلك إحدى الخرافات الشائعة لكن بعض الكتب تفندها بالرجوع إلى تقاليد عصر شكسبير، فأيامها كان أفضل الأسِرة يُخَصص للضيوف؛ ولذا فإن التَّركة رومنسية الطابع، وليست دليلا على زيجة تعيسة. فمن هي زوجته التي عاشت في ظله حتى يبدع مسرحياته الشهيرة إذن؟ زوجة شكسبير على الرغم من الشهرة الواسعة التي حظي بها وليام شكسبير والكتب الكثيرة التي غطت مساحة واسعة من أعماله المسرحية وشخصيته، إلا أن حياته الاجتماعية الخاصّة ظلت بعيدة عن البحث وتسليط الأضواء عليها، مع استثناءات نادرة من حين لآخر، ولعل كتاب (زوجة شكسبير) للكاتبة الأسترالية الأصل جيرمن جرير يعد واحداً من تلك الاستثناءات التي كشفت جوانب مجهولة من حياة الكاتب الاجتماعية والعاطفية وسلطت الضوء على المرأة التي وقفت خلفه طوال حياته العملية ولم ينصفها المؤرخون وكتاب السير الذاتية على الإطلاق. لم يكن جميع الذين كتبوا عن شكسبير، أو أرّخوا لحياته منصفين بحق تلك المرأة، تقول جيرمن جرير، لم يكلفوا أنفسهم عناء البحث العميق في الجوانب الاجتماعية لحياة الكاتب الأسطوري الذي عاش في القرن السادس عشر ووضع أسس المسرح وفلسفة الدراما، تلك الفلسفة التي خضعت للبحث والتنقيب بواسطة المئات من الكتب على مر القرون، لكن لا أحد انتبه لامرأة رضيت العيش في ظل الكاتب العظيم وتحملت نزقه وتقلباته بصبر وبسالة، لذا قررت أن أكتب عن آن هاثاواي، أو آن شكسبير، زوجة الكاتب المحبة ذات الروح الباسلة التي كانت تكبر الكاتب بثماني سنوات. لقد تزوج وليم شكسبير آن هاثاوي عندما كان في الثامنة عشرة من العمر، عندها كانت هي في السادسة والعشرين وحاملاً في الشهر الثالث بابنتهما «سوزانا» التي ولدت في عام 1583، ومن ثم ولد لهما التوأم «جوديت» و«هامنت» بعد سنتين. توفي وليام شكسبير في عام 1616 ككاتب عظيم وثري إلى حدٍ ما، بعد أن اعترف بزواجه من آن قبل وفاته بفترة وجيزة، في حين بقيت تلك المرأة مجهولة للغالبية العظمى من أصدقائه ومعارفه في الجزء الأعظم من حياته. لقد عد أغلب كتّاب السير الذين أرخو لحياة شكسبير (أغلبهم رجال تقول جيرمن جرير)، الكاتب ضحية زيجة من دون حب قلبت حياته جحيماً وكادت تقضي على موهبته، عندما كتب عليه العيش مع امرأة بعمر أمه، لكن الحقيقة، حسب جرير، غير ذلك، فقد كانت آن امرأة جيدة بروح باسلة محبّة وزوجة صالحة كانت تضع احترام زوجها وموهبته نصاب عينيها ومهتمة غاية الاهتمام بعمله، وقد امتدت تلك المسؤولية حتى بعد وفاة زوجها عندما تصدت للإشراف على نشر أعماله في طبعاتها الأولى، لكن للأسف لم يكن ثمة ما يثبت ذلك الان، تقول جرير، ليس ثمة عقود موقّعة أو فواتير وما شابه، لم يكن الورق قادراً على الصمود في تلك الأزمنة، لاسيما أن الجرذان في كل مكان وزمان، في إشارة لتآمر البعض لإبقاء آن في الظل. لقد بنت الكاتبة استنتاجاتها بتأن وصبر، وساقت الحجة تلو الحجة لتقارع ما اصطلح على تسميته زواج شكسبير الفاشل، أو الخطأ الكبير في حياته، مستلة تلك الاستنتاجات والحجج من أعمال شكسبير نفسه الذي طالما قدم العلاقات الزوجية الناجحة المبنية على الحب والسعادة في الكثير من مسرحياته، لولا أنه عرف الحب والسعادة الزوجية في حياته الخاصّة لما تمكن من الكتابة عن تلك العلاقات بهذا العمق، تحاجج جرير. لكن هل جميع طروحات جرير في كتابها الجديد صحية؟ أعني لجهة عمق المشاعر التي جسدها شكسبير في مسرحياته، لاسيما وأنه كتب بطريقة جميلة وعميقة أيضاً عن زيجات فاشلة وغير سعيدة، ربما كانت جرير على حقّ مستندة إلى بحوثها الحديثة واستنتاجاتها في الفلسفة الاجتماعية، وربما لم تكن كذلك، على الأقل لجهة كونها امرأة أرادت الانحياز لابنة جنسها في النهاية، لا أحد يستطيع الجزم بهذه السهولة في الحقيقة، لكن الشيء المؤكد أن جيرمن جرير قدّمت كتاباً مهماً للتاريخ الفني والاجتماعي، ولعل أهميته لا تأتي من كونه قد سلط ضوءاً على جوانب مجهولة من حياة آن شكسبير ومكانتها فقط، بل تجاوزه إلى تسليط الضوء على جيرمن جرير نفسها ككاتبة وباحثة مهمة تصدّت لموضوعة شائكة ومعقده تتعلق بسلوكيات شكسبير التي لم تتفق الآراء عليها حتى يومنا هذا. حقائق عن شكسبير يعتبر وليام شكسبير أحد أعظم الكتّاب في تاريخ اللغة الإنقليزية ويُطلق عليه أحياناً شاعر الوطنية أو شاعر الملحمية، إذ أنّ شكسبير استطاع كتابة نحو 38 مسرحية و 158 سونيتة(أغنية قصيرة) وغيرها من القصص والقصائد الشعرية. وقال موقع "History" الوثائقي إنّ هناك عدة حقائق عن شخصية وحياة الكاتب الإنفليزي الأفضل على الإطلاق، وهي : 1- والد شكسبير كان يعمل في الأرض التي أهدتها له زوجته وأصبح من الأغنياء في منطقة نهر آفون حتى تم القبض عليه لأسباب غير معروفة عام 1580. 2- تزوج شكسبير في الثامنة عشر من عمره مجبراً من ابنة أحد المزارعين والتي تدعى آن هاثاواي. 3- أنجب وليام ثلاثة أطفال من زوجته إلّا أنّ طفلته الأولى سوزانا عندما كبرت خيّبت آماله حيث لم تكن مهتمة بالآداب التي كانت تعتبر حكراً على الرجال في ذلك الوقت. 4- ليس هناك شكسبير واحد فقط، إذ أنّ أخيه الأصغر إدموند شكسبير اشتهر أيضاً بالأعمال المسرحية وكان كوميدياً بارزاً في لندن. 5- تمكّن شكسبير من امتلاك ثروة لا بأس بها وهو في الثالثة والثلاثين من عمره حيث تمكّن من شراء ثاني أفخم بناء بمدينة سترادفورد. 6- بعد وفاته ترك شكسبير الممتلكات إلى ابنته الثانية جوديث و التي قُدرّت ب 60 ألف جنيه استرليني. 7- على الرغم من شعبيته الكبيرة إلّا أنّ العديد من النقاد والجماهير لم يرحبوا به وعلى رأسهم الشاعر الآيرلندي جورج برنارد الذي انتقده كثيراً. 8- صاحب المقولة الشهيرة " أكون أو لا أكون هذا هو السؤال "....وكل صوره هي مجرد تخمين لشكله...ولا أحد يعرف الآن صورته الحقيقية ! 9- لم يكن له أحفاد حيث تُوفي ابنه الوحيد هامينت، في الحادية عشر من عمره ولم يكن لابنته سوزانا أطفالاً أما جوديث ففقدت كل أطفالها الصغار موتاً. 10- أنتج شكسبير معظم أعماله المعروفة في الفترة ما بين 1589 و 1613 حيث كانت مسرحياته الأولى بشكل عام كوميدية و تاريخية و قد تميّزت بالتعقيد و الحبكة الفنية وبحلول نهاية القرن 10 كتب التراجيديات بما في ذلك "الملك لير" و"هامليت" وغيرها من الروايات التي اعتبرت من أفضل ما دوّن باللغة الإنقليزية على مدار التاريخ.