عاد صهر ترومب وعرّابه جاريد كوشنر وبعد ان فشلت اولى خطوات «صفقة القرن» المتمثلة في ورشة البحرين، الى الشرق الاوسط من جديد سالكا طريقا جديدا نحو فرض الرؤية الامريكية الصهيونية للقضية الفلسطينية. كوشنر الذي يمثّل رأس الحربة في سياسة تصفية القضية الفلسطينية عاد مصمّما هذه المرة الى الشرق الاوسط بزيارة تشمل عديد الدول المتداخلة في هذا الصراع، وفي يمناه فتنة وفي يسراه ابتزاز وحتى تهديد. زيارة التصفية بدأت من الاردن تحديدا التي سيكون العبء الاكبر عليها من هذه الصفقة المنتظرة بما انها ستكون وطنا بديلا للفلسطينيين وسيقع هضم جزء من اراضيها لبناء هذا الوطن. وهنا تحديدا تكشف التسريبات ان خطة «تركيع» الاردن او لتليين موقفها تجاه خطة السلام تبدأ من مُحاولة نقل الوصاية على الأماكن الإسلاميّة في القدس المحتلّة من الهاشميين الى السعودية. لذلك كان لقاء كوشنر بالملك الاردني باردا ورفع فيه الطرف الثاني "لا" كبيرة بوجه الطرف الاول مطالبا بالعدل وبدولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية على خطوط 4 جوان 1967. وغير بعيد عن هذا الابتزاز، قال عضو الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية في المغرب عبد العزيز أفتاتي، إن «أمريكا تلجأ إلى سياسة الترغيب والترهيب ومن ثم الابتزاز في التعامل مع ملف ما يسمى صفقة القرن»، معلنا بدوره عن رفض بلاده التام لهذه الصفقة. امريكا ومن وراءها الكيان الصهيوني تتبع سياسية الاستفراد بالدول العربية كلّ على حدّة للضغط عليها من مكامن ضعفها لربح موقف ليّن منها تجاه خطة السلام التي ينوي ترومب طرحها. لذلك وبعد زيارة الاردن توجه كوشنر الى كل من مصر والسعودية والمغرب والكيان الصهيوني لوضع اللمسات الاخيرة قبل زيارة دول اخرى كقطر والامارات وغيرها. صحيفة «يديعوت إحرنوت» العبرية كشفت عن مصدر في واشنطن قوله، «إنه من المتوقع أن يتم توجيه دعوة للرؤساء العرب لحضور مؤتمر في كامب ديفيد، وفيه سيطرح الرئيس ترومب خطته للسلام في الشرق الأوسط المعروفة بتسمية صفقة القرن». نفس الصحيفة ذكرت ان ترومب سيكشف أثناء هذا المؤتمر عن الخطوط العريضة لصفقة القرن دون الخوض في تفاصيلها، فعلى سبيل المثال، سيقول نعم لكيان فلسطيني، ولكن ليس بالضرورة لدولة، نعم لوجود فلسطيني في القدس الشرقية ولكن ليس بالضرورة كعاصمة. سياسة التدويخ التي يتبعها الصهيوني كوشنر قائمة اساسا على فخ «كامب ديفيد» جديد سيكون مجرد حضور العرب فيه ربح كبير في حد ذاته لأن الامر سيكون كالتالي» تعالو يا عرب نعرض عليكم فقط خطتنا للسلام...وبما انكم جئتم فتفضلوا اقبلوا بها». نأمل ان يعود كوشنر من هذه «الزيارة التصفوية» بخفي حنين كما خرج سابقا من ورشة البحرين بفضل الموقف الموحد للفلسطينيين اساسا والذين يواصلون تحديهم للغطرسة الامريكية بكل ما اوتي من صمود. وما يجب أن يقال لكوشنر وترومب وإدارته أن حقوق الشعب الفلسطيني ثابتة وراسخة في ضمير المجتمع العربي والدولي وأحراره وقراراته ولن يستطيع أي طرف شطب هذه الحقوق مادام لهذه الأمة نبضة مقاومة.