تونس (الشروق): تُعتبر تسمية شوارع وأنهُج المُدن والقرى عملا حضاريّا وتاريخيّا وثقافيّا يحتفي باعتزاز بالمآثر الخالدة والوفاء للعطاءات المُميّزة للأوائل واسهاماتهم الخلاّقة وتضحياتهم النبيلة المقاصد وكذلك تذكير وإبرازا لخصائص المواقع والمعالم ضمن دلالات حفظ الذاكرة الوطنيّة رسميّا وشعبيّا من الاندثار من خلال مزيد التّعريف بأمجاد الأماكن والشخصيّات التي نحتت شُهرتها بجليل أعمالها هذا الى جانب الاشعاع بالتّسمية على أخرى «خارجيّة» ترتبط ببلدان وعواصم وهامات عالميّة ضمن «خارطة» العلاقات بالدّول الشقيقة والصّديقة والتوأمة وتكريم أعلام ورجالات وقادة عظماء ممّن خدمُوا الإنسانيّة بإنجازات نوعيّة ومرموقة في مختلف الميادين. ومن بين الأنهج الشهيرة بتونس العاصمة «نهج جامع الزيتونة» بمدينة تونس العتيقة الذي يفتح أبوابه على ساحة النّصر و معلم باب بحر ونافُورته المقصُودة التي تُلطّف الأجواء برذاذ مياهها وتواجد أسراب حمام السّلام التي ألفت الموقع فأكرم حضورها الأجوار والزوّار على حدّ السّواء ويطلّ هذا النهج بشذرات تاريخية ناصعة ومشتركة على الحيّ الحديث. هذا وتقترن تسميّة «نهج جامع الزيتونة» بالجامع الأعظم في إعلاء لشأن اشعاعه كمركز إسلامي ذاع صيته مكانا وزمانا منذ تأسيسه سنة 698 هجري ليكون منارة لعلُوم الدّين والرّيادة العلميّة النّافعة للإسلام في مغارب الأرض ومشارقها. وتاريخيّا سُمّي النّهج سابقا خلال الحقبة الاستعماريّة بنهج الكنيسة ويحتوي على طول جانبيْه على أنشط سوق بالمدينة العتيقة أين تتزاحمُ متاجر الحرفييْن بمختلف اختصاصاتها وخصوصا منها الصّناعات التقليديّة التي تعرضُ منتوجات وطنيّة متنوّعة مُوجّهة للتونسيّين وزوّار بلادنا من السيّاح هذا الى جانب تواجد عدد من المقاهي العريقة والمطاعم المقصودة إضافة الى معالم وديار شهيرة مازالت تحافظ على شمُوخها وتفوحُ بعبير عطر التاريخ الأصيل الذي يُعبّر عن عراقة هذا النهج.