أصبح من الوجيه جدا أن يُطالب أنصار الديمقراطية والتداول السلمي على السلطة بضرورة التدخل العاجل لوقف حالة الانفلات التي تشهدها العملية الانتخابية. عدّة مظاهر مخلّة بمبدإ المنافسة النزيهة وضارة أيّما ضرر بالمناخ الانتخابي الذي بات مفزعا بشكل غريب، عمليات تدليس وتزييف للتزكيات البرلمانية والشعبية وتفشي الإشاعات والأخبار الكاذبة وعودة لمعارك التطاحن الأيديولوجي والشيطنة ونوايا تقسيم المجتمع. مترشحون برتبة مدلسين ومتلاعبين بالإمضاءات والمعطيات الشخصية للمواطنين، واضطراب مستمر في عمل الهيئة العليا المستقلة للانتخابات والذي ازداد اضطرابا وتشابكاً جرّاء تصريحات متناقضة والبعض منها غريب للبعض من أعضائها، بل ان البعض منهم انخرط في سياق التجاذبات الحزبية والأيديولوجية بما يضرب في عمق استقلالية الهيئة وحيادها عن كلّ المتنافسين سواء أكانوا أشخاصا أو أحزابا. مع ذلك يبدو أن الأحزاب والفاعلين السياسيين الكبار في شبه سبات أمام ما يجري من خروقات وتهديدات فعليّة المسار الانتخابي، وكأنّ ما يجري مسألة عادية والحال أنّها مسألة على غاية من الخطورة وفي تواصلها رمي بكامل التجربة الديمقراطية والمسار الانتخابي الحالي عرض الحائط. الواجب اليوم أن لا تسكت هذه الأطراف عن الجرائم المرتكبة، والبعض منها منتهك لكل الأعراف والقوانين ونواميس العمل السياسي النزيه والمسؤول والشفّاف. والى جانب الأحزاب، فإنّ مسؤولية هيئة الانتخابات جسيمة جدا في هذا الصدد وعليها ان تعي دورها المركزي والمحوري في تأمين سلامة المناخ الانتخابي، وعليها ان تمتلك من الجرأة والشجاعة ما يجعلها قادرة على إنفاذ القانون على الجميع وحماية العملية الانتخابية من الانتهاكات المتكاثرة، كما انها مطالبة بالتفاعل السريع مع المستجدات والتطورات والتحلي بروح المسؤولية الوطنية العالية والإيمان الثابت بسلطة قراراتها وسيادتها الفعليّة والعملية التي منحها لها الدستور والقوانين المنظمة للشأن الانتخابي.